كتاب تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل - ت شمس والعمران - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: مقدمة)

معارضته، و ين يجب عليه السكوت ولخصمه الكلام والاستدلال "
قاله ابن خلدون (1).
وقد وصف لنا شيخ الاسلام ابن تيمية هذه المرحلة وصفا يكشف
لنا حقيقتها وخصائصها وميزاتها وما لها وما عليها، فقال: "ثم صار
المتأخرون بعد ذلك قد يتناظرون في أنواع التاويل والقياس بما يؤثر في
ظن بعض الناس، وان كان عند التحقيق يؤول إلى الإفلاس، لكنهم لم
يكونوا يقبلون من المناظرة إلا ما يفيد ولو ظنا ضعيفا للناظر.
واصطلحوا على شريعة من الجدل، للتعاون على إظهار صواب
القول والعمل، ضبطوا بها قوانين الاستدلال، لتسلم عن الانتشار
و لانحلال. فطرائقهم وان كانت بالنسبة إلى طرائق الأولين غير وافية
بمقصود الدين، لكئها غير خارجة عنها بالكلية، ولا مشتملة على مالا
يؤثر في القضية. وربما كسوها من جودة العبارة، وتقريب الاشارة،
وحسن الصياغة، وصنوف البلاغة ما يحقيها عند الناظرين، وينققها
عند المتناظرين، مع ما اشتملت عليه من الادلة السمعية والمعاني
الشرعية، والتحاكم فيها إلى حاكم الشرع الذي لا يعزل، وشاهد العقل
المزكى المعذل.
وبالجملة؛ لا تكاد تشتمل على باطل محض وبمير صرف، بل
لابد فيها من مخيل للحق، ومشتمل على عرف " (2).
__________
(1) " المقدمة ": (ص/ 6 0 5).
(2) "العقود": (ص/ 32)، و"تنبيه الرجل العاقل ": (ص/ 4 - 5).

الصفحة 16