كتاب تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل - ط عالم الفوائد

على مدلولِه في صورٍ ويَدُلُّ على غيرِ مدلولِه في أضعافِ تلك الصور كان عدمُ دلالتِه أغلبَ على القلب من دلالته فإن الكثرة دليل الرجحان والأصل إلحاق الفرد بالأعم الأغلب
وقد احتجَّ هؤلاء الجدليون على أن عموم المعنى موارد الاستعمال يدلُّ على كون اللفظ حقيقةً بأشياءَ
أحدها أن حقيقة اللفظ موصوفةٌ بأنها واحدةٌ وبأنها عامة لموارد الاستعمال وبنحو ذلك فإذا رأينا هذا المعنى موصوفًا بهذه الصفات غلبَ على ظنِّنا أنه هو القاضي ولهذا لو كتب قاضٍ إلى قاضٍ بحقّ على فلان بن فلان الفلاني فقامت البينةُ بأنه فلان بن فلان الفلاني فادَّعى أن له شركاء في هذا الاسم لم يُقبَل منه حتى تقوم البينةُ بشريكٍ ولولا أنه يُستدلُّ على عينٍ بكثرة الصفات التي لم يُعلَم فيها شريكٌ لم يكن كذلك
الثاني أن جَعْلَه حقيقةً في المعنى العام يَدفَعُ عن اللفظ فسادَ الاشتراك والمجاز والتعطيل لأنه لو لم يكن حقيقةً في ذلك المعنى فإن كان حقيقةً فيما يختصُّ بكلِّ فردٍ من الأفراد لَزِمَ الاشتراكُ وإن كان حقيقةً فيما يختصُّ ببعض تلك الأفراد دون بعضٍ لزمَ أن يكون مجازًا في الباقي وإن لم يكن حقيقةً في شيء لزمَ تعطيلُ اللفظ فإذا جعلناه حقيقةً في الجميع اندفعَ الاشتراك والمجاز وإذا كان دفعُ هذا الفساد مطلوبًا وهذا الطريق يخصُّه لدفع هذا الفساد كان سلوكُه جائزًا وإن

الصفحة 256