كتاب تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل - ط عالم الفوائد

وخصوصًا لأنّ كلَّ مورد للّفظ المخصّص عُدِمَتْ فيه الإرادة واللفظ متناولٌ له سُمِّي تخصيصًا كعدم إرادة من لا يَرِث من قوله يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ [النساء 11] ونظائِره من العمومات وكلّ موضع سُمِّي تخصيصًا فقد عُدِمت فيه الإرادة مع تناول اللفظ لجميع التخصيصات فإثباتُ حقيقةِ اللفظِ ومسمَّاه يَثبتُ بهذا الذي ذكرناه من الطرد والعكس وهو الدوران والتلازم والمطابقة والمساواة عمومًا وخصوصًا ومَن أنصفَ عَلِمَ أن مستند العلم بجميع اللغات هو ما ذكرناه من الدوران لا مجرّد عمومِ المعنى والكلام في ذلك يطول
واعلم أن قولهم عموم موارد الاستعمال إنما يَصحُّ في حقيقة الألفاظ الكلية وهو ما لا يمنع نفسُ معناه من ووقوع الشركةِ فيها بل في الألفاظ العامة وهو مالها موردانِ وأكثر حتى تكون هناك موارد يمكن دعوى عمومِ المعنى لها فأما المعنى الجزئي كما دَلّ عليه لفظ العَلَم والإشارة والمعرَّف بلام العهد إذا كان معيّنًا ونحو ذلك فهنا لا يمكن إثبات المسمَّى بذلك وأما على ما ذكرناه من مطابقة المعنى لموارد اللفظ فيمكن ذلك
واعلم أيضًا أن قولهم موارد الاستعمال فيه إشكال وهو أن مورد استعمال اللفظ هو الموضع الذي استعمل اللفظ فيه فإمّا أن يكون هو المعنى الذي ادُّعِي أنه مسماه أو غيره فإن كان هو الأول كان التقدير عموم المعنى موارد المعنى وإن كان غيره لم يكن ما استعمل فيه اللفظ وهو معنى اللفظ

الصفحة 259