كتاب تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل - ط عالم الفوائد

والحدثُ هل هو الفاعل أو المفعول ومجرَّد المصدر لا يَدُلُّ على ذلك
قيل عن هذا أجوبة
أحدها لو كان فيه فائدةٌ لم يجز أن تخلو اللغة عن لفظٍ يدلُّ عليه لأنّ المعنى الذي يكثر دورانُه في القلوب يُحتاج إلى التعبير عنه فيجب أن تكون له عبارةٌ تدلُّ عليه ولمّا لم يكن هذا الاستعمال موجودًا في اللغة الحكيمة عُلِمَ أنّ هذا اللفظ كانَ حقُّه أن يُلحَق بالمهملات لا سيّما وكلام الله وكلام رسولِه وكلام الأئمة من سلف الأمة لا يجوز أن يَعْرَى عن بيان هذه المعاني فلو لم يكن بيانُها إلاّ بهذه الألفاظ أو لو كان بيانُها بهذه الألفاظ أجودَ لوجبَ أن يكون ذلك في كلامهم لأنّ إدراكهم للمعاني أتمّ وتعبيرهم أفصح وأوضح
الثاني أن نقول الخلاف في ثبوت الحال مشهورٌ بين الناس حتى إنّ أكثر المتكلمين المنتسبين إلى السنة ينفونها ويقولون لا معنى لكون الشيء عالمًا قادرًا إلاَّ نفس قيام العلم والقدرة به وأما حالٌ يُوجِبُها له العلم والقدرة فكلاَّ وهؤلاء يُبطِلون ما يُدَّعَى في هذا الموضع من العلّة والمعلول ويَردُّون ذلك اعتبارات عقلية وأحكامٍ ذهنية يتبعها الأسماء واللغات فعلى قولِ هؤلاء لا فرقَ بين قولنا عِلْمِ الشيء وكونه عالمًا في الوجود الخارجي وهذا القول أصوب
وأما مَن يُثبِت الأحوال فيقولون إن لفظ العلم والقدرة ونحوهما يدلُّ على الصفة وعلى الحال وإذا أرادوا تمييز الحال قالوا

الصفحة 264