كتاب تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل - ط عالم الفوائد

كون الشيء عالمًا وكونه قادرًا
وعند نُفاةِ الصفات هذه الألفاظ تدلُّ على الحال بانفرادها
فقد اتفقت الطوائف على أن لفظ المصدر يدلُّ على تمام المقصود وهذا ظاهر فإن الحال لازمةٌ للصفة لزومًا خارجيًّا وذهنيًّا وليس للحال مقصودٌ زائدٌ على ثبوت الصفة فواضعُ اللغة الحكيمُ أدرجَها في لفظةٍ يُبيِّن ذلك أنه لو كانت الحال ثابتةً ولا يدلُّ عليها لفظ المصدرِ لكانت اللغاتُ خصوصًا اللغة الحكيمة عاريةً عن الدلالة على هذه المعاني الكثيرة المحتاج إلى التعبير عنها وذلك لا يجوز
الثالث أنه لو لم يدلّ المصدرُ على الحال لكان استعمالُه أولى وذلك لأنّ المتكلم إن قصد الإثبات فإذا أثبتَ المصدرَ ثَبتت الحالُ وإن قصد النفي فإذا نفى المصدرَ انتفت الحالُ أما إذا استعمل هذه الألفاظ وقيل إنها تدلُّ على الحال فإذا أثبتها أثبت المصدر أما إذا نفاها فقد لا ينتفي المصدر لاعتقاد المتكلم أو المستمع أنه لا حقيقة لها في الخارج حتى يلزمَ من انتفائها انتفاءُ الصفة
مثال ذلك قول المصنّف ولئن منع العموميّة فإن العموميّة إن كانت هي العموم فلا كلام وإن قيل هي حالٌ للَّفظِ أوجبَها العموم فلفظ العموم يدلُّ عليها نفيًا وإثباتًا وأما لفظها فلا يلزم من مَنْعِه مَنْعَ هذه الحالِ منعُ العموم لجواز أن يعتقد أن هذه الحال لا حقيقةَ لها
وأيضًا فقد يعتقد أن العمومية صفة ثابتة للعامّ بخلاف العموم فإنه عارض لأنّ مسمَّى المصدر حدثٌ فإذا منع الصفة الثابتة لم يلزم أن يمنع الصفة العارضة فكان قولنا منع العموم أجود

الصفحة 265