كتاب تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل - ط عالم الفوائد

وعلى ما قلنا فالعموم يدلُّ على هذه الصفة سواء كانت ثابتةً أو عارضةً في النفي والإثبات هذه لغة العرب وقول النحويين المصدر يدلُّ على الحدث أو الحدثان توسُّعٌ في العبارة لأن الغالب على مسمَّيات المصادر في أفعال الخلق أن تكون حادثة وإلاّ فقولنا علم الله ويعلم الله وهو عالم وله علم ليس في ذلك ما يدلُّ على حدوث صفةٍ أصلاً وليس هذا موضع الاستقصاء في ذلك وبالجملة فتسميتُها حدثًا وحدثانًا اصطلاحٌ نحوي لا وضعٌ لغوي
الرابع أن استعمال هذه الألفاظ التزامٌ لثبوت الحال وفي ذلك ما فيه أما استعمال لفظ المصدر فهو خلوصٌ عن هذا الالتزام ولا حاجةَ بالمستعمل إلى التزامِ أمرٍ باطلٍ ومختلَفٍ فيه من غير حاجةٍ ولا فائدة بل لو قيل عدمُ هذه الألفاظ دليلٌ على عدم معانيها التي يعتقد مُثبِتُو الأحوال إذْ لو كانت ثابتةً لوجبَ أن لا تَعرَى أذهانُ جميع أهل اللغات عن إدراكها وتنفرد به شرذمةٌ من المتكلمين ولو أدركتْ أذهانُهم ذلك لوجبَ أن تكون لها عبارةٌ عنها كسائر المعاني المشتركة بين الأمم إمّا مفرد أو مركَّبٌ و لكان هذا أولى من التزامِ ثبوت الحال واستعمالِ هذه العبارات
الخامس أن الحال إن لم تكن ثابتةً فلا حاجةَ إلى هذه العبارات وإن كانت ثابتةً فلابدَّ أن تشتمل العبارات اللغوية على الدلالة عليها خصوصًا كلام الله وكلام رسولِه وكلام العلماء والحكماء من أمته فإنه لا يجوز أن يَعْرَى عمّا يبيِّنُ هذه الحقائق وعلى التقديرين فلا حاجة إلى هذه الألفاظ الغريبة

الصفحة 266