كتاب تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل - ط عالم الفوائد

فهذا هو الجواب عن كون هذه الألفاظ تدلُّ على الأحوال أما قولهم تدلُّ على خصوص النسبة إلى الفاعل والمفعول فإضافةُ المصدرِ إلى أحدهما يُغنِي عن ذلك بأن يقول عِلْمُ فلانٍ أو العِلْمُ بكذا أو يقول كون الشيء عالمًا أو كونه معلومًا
واعلم أن من حكمة لغة العرب أن لا يُضيفوا هذه المصادر ويُضيفوا المصادر التي للأسماء أعني بالإضافة النسبة بالتأنيث وهو قولهم الذكوريّة والعبودية ولا يقولون الضَّربيّة والقّتليّة والضاربيَّة والقاتليّة وذلك لأن ذلك المصدر إنما أُخِذ من الاسم فكأنه قَبِلَ المعنى الذي به كان العبد عبدًا أو الذكر ذكرًا أو المعنى الذي أوجبَه كونُه ذكرًا وكونُه عبدًا وذلك المعنى الذي صار به العبدُ عبدًا هو مقتضٍ لكونِه عبدًا والمعنى الذي أوجبه كونُه عبدًا هو معلولُ كونِه عبدًا وكونُه عبدًا هو الحال والصفة المعبَّر عنه بالمصدر فأُضِيف إلى هذا المعنى كلُّ ما هو لازمٌ وكلّ ما هو تابعٌ له إما بكونه مقتضيًا له أو بكونه إنما كان من أجله أما الضرب والقتل فهما أصلٌ للفعل على الوجه المشهور فلم يُنْطَق قبلهما باسم يشتقان منه فلو أضيف لأضيف الأصل إلى الفرع وذلك لا يجوز بخلاف المواضع التي نُطِقَ فيها بالاسم قبل المصدر ألا ترى أن قولك ضارب و قاتل إنما يَنطِق به من نَطقَ بقتل وضرب وقولك عبد و رجل ينطق به قبل الرجولية وقبل العبودية وقولهم الخُصوصيّة و الخَصوصية فهو والله اعلم ليس بمصدر وإنما هو الصفة

الصفحة 267