كتاب تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل - ط عالم الفوائد

الأول وهو الوجوب على الفقير فإذا تحقق العدم الملزوم تحقَّق العدمُ اللازم
فهذا التلازم الثاني جارٍ في كل ملازم وهو نوعُ تطويلٍ وتكريرٍ لأنه قد تقدم أنّ وجود اللازم وعدمَ اللازم إذا تحقَّق تحقَّق عدمُ الملزوم فوجودُ هذا ملزومٌ لوجودِ الآخر وعدمُ الآخر ملزومٌ لعدمِ هذا وعلى ما ذكرناه لا يُقبَل بعدَ تسليم التلازم سؤالٌ يقدحُ في التلازم لكنْ هؤلاء المجادلون لا يثبتون التلازم بما ينشأ من تقدير الوجوب على المدين وهو قيامُ مُقتضِي الوجوب أو عدم مانعٍ من الوجوب على هذا التقدير فإنّ ذلك إذا صحَّ كان كلامًا علميًّا وانقطعَ بابُ المراوغة الذي فَتَحوه وإنما يُثبِتون الوجوبَ على الفقير على هذا التقدير بأدلةٍ لا تأثيرَ لهذا التقدير فيها وهو النصوص العامَّة أو الأقيسة العامَّة أو غيرهما من الدورانات والتقسيمات والملازمات العامَّة وقد قال البصير بالجدل كلُّ تقديرٍ لا ينشأ منه قيامُ مقتضٍ ولا نفيُ معارضٍ فإنه غير مفيد كمن يقول لو طلعت الشمسُ لكانت السماءُ فوقَنا والأرضُ تحتَنا أو يقول إن كانت الشمسُ طالعةً فالعباداتُ غير واجبة بالباقي ويسلك هذه الطريقة فإذا استدلَّ على التلازم بدليلٍ لا يختص بذلك التقدير المفروض فالوجهُ أن يُبَيَّنَ بطلان دلالتِه حتى تنتفي الملازمة ويُعارَضَ بمثلِه من الكلام حتى ينقطع المستدلّ ويتبين عجزه عن إتمام هذا التلازم الفاسد أما الممانعة فلم يذكر دليلاً يدلُّ على التلازم حتى يتكلم على عينه لم يبق إلا المعارضة التي سَلكَها

الصفحة 28