كتاب تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل - ط عالم الفوائد

فلانًا ولو لم يَستثِنه لعتقوا كلُّهم ولولا أن الاستثناء أخرجه وكان داخلاً بدونه لما كان كذلك
وأما الاشتقاق فإن الاستثناء استفعالٌ من الثَّنْيِ وهو الصَّرف والمنع يقال ثَنيْتُ عِنانَ الفرس وثَنيْتُ فلانًا عن رأيه إذا طلبتَ صَرْفَه عن وجهه فالاستثناءُ يطلب صَرْفَ المستثنى ومَنْعَه عن الدخول ولولا قيامُ المقتضي لدخولِه لم يحتج إلى ذلك وإذا قام المقتضي السالم عن المعارض وجبَ دخولُه
فإن قيل هذا يُشكِل بالاستثناء من غير الجنس
قلنا عنه أجوبة
أحدها أن ذلك لا يكون إلاّ في كلام غير موجب كما شهدَ به الاستعمال ونحن إنما استدللْنا بالاستثناء مطلقًا من الموجب وغيره
الثاني أن ذلك يكون منصوبًا بكلِّ حالٍ في اللغة المجازية كما في قوله مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ [النساء 157] ونحن إنما قصدنا المستثنى الذي يجوز إبدالُه في اللغة الشائعة من المستثنى منه
الثالث أن ذلك مجاز على خلاف الأصل باتفاق أهل العربية وبعضهم يقول ليس باستثناء وإنما هو بمعنى لكن ونحن إنما استدللنا بحقيقة الاستثناء لا بمجازه

الصفحة 281