كتاب تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل - ط عالم الفوائد
والثالث يقتضي العمومَ أيضًا لأنه يقتضي تعلُّقَ الحكم بالحقيقة من حيث هي هي وكلُّ فردٍ من أفرادٍ الحقيقة قد تحققت فيه الحقيقة فيجب أن يتعلَّق الحكم بها لما ذكرناه من المعنى
والثاني واضح
الوجه الثالث أن المانع من عمومِه إمّا أن يكون جواز إرادة الحقيقة من حيث هي هي أو شيئًا آخر لكن الثاني منتفٍ بالأصل وبالاتفاق على أن ما سوى ذلك ليس بمانع وهذا لا يجوز أن يكون مانعًا لأن أسماء الجموع قد يُرادُ به تعريفُ الحقيقة ثم لم يكن ذلك مانعًا من العموم فكذلك أسماء الأجناس
واعلم أن الحكم المعلَّق باسم الجنس إن كان في معنى النفي كالتحريم ونحوه كان مفيدًا للعموم بلا تردُّد لأن انتفاء الحقيقة لا يحصل إلا بانتفاء كلِّ فردٍ من أفرادِها أما إذا كان إثباتًا كالإيجاب والإباحة فيظهر لك أن دلالة قوله وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ [البقرة 275] على العموم أضعفُ من دلالة قوله وَحَرَّمَ الرِّبَا على العموم فإن تحريم الربا يقتضي تحريم هذه الحقيقة وتحريمها يقتضي الأمر بإعدامها وذلك لا يحصل إلاّ بإعدام كلِّ فردٍ من أفرادِ الربا وأما إحلال البيع فإن قيل يقتضي العموم وإلاّ فيقال إنه إنما اقتضى إباحة هذه الحقيقة ولاشكّ أنها مباحة لكن لا يمنع من تحريم بعض النوع بسببٍ خارجٍ عن حقيقة البيع
وأيضًا فإن إحلال البيع مع تحريم الربا يقتضي أن بعض البيوع محرَّم وذلك البعض لا يُعلَم حتى يُعلم الربا فيكون مُجملاً أو
الصفحة 287
810