كتاب تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل - ط عالم الفوائد

لكن يُقال لا نُسلِّم انتفاءَ ثبوتِ النصِّ أو القياس أو غيرِهما من الدلائل للوجوب لأنها لو اقتضتِ الوجوبَ والوجوبُ منتفٍ لَزِمَ تركُ العملِ بالمقتضي وهو خلافُ الأصل أو لو اقتضتِ الوجوبَ على الفقير والمانعُ متحققٌ بالأصل لَزِمَ التعارضُ وهو خلافُ الأصل وإذا تُرِكَ العملُ بالمقتضي للوجوب على ذلك التقديرِ لم يكن تركًا للعمل به في نفس الأمر لأن أحد الأمرين لازم وهو إمّا عدمُ المقتضي في نفس الأمر أو وجودُ مدلولِه لأن الحال لا يخلو عن وجودِه أو عدمِه وهذا مثل ما ردَّ به المستدلّ كلام المعترض فإنه يقال هنا فيبطل كلام المستدلّ قبل أن يَصِلَ إلى إبطالِ أسوِلةِ المعترض
ويمكن معارضة المستدلّ بما ينفي التلازم على وجوهٍ كثيرة مثل أن يقال لو وجبت الزكاةُ على المدين لما وجَبَتْ على الفقير بالنصّ أو بالقياس أو بغيرهما من الدلائل أما النصّ فقوله صلى الله عليه وسلم لا صدقةَ إلاّ عن ظهر غنًى أما القياس فلأنه لو وجبتْ للزم إضافة الوجوب إلى المشترك ولا تجوز إضافته إلى المشترك لما فيه من إلغاء المناسبة التي اختص بها المدين وهو مِلْكُ نصابٍ زكويّ حولاً تامًّا فإنه مقتضٍ لوجوب بدليل المناسبة والاقتران
أو يقال لو وجبت الزكاةُ على الفقير على ذلك التقدير للزمَ تَرْكُ العمل بالنصوص المستعملة في نفس الأمر والأقيسة الموجبة للتفريق بينهما وهو اختصاص صورةِ المدين بما يقتضي الوجوب أو اختصاص صورة الفقير بما يُجب العدمَ

الصفحة 29