كتاب تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل - ط عالم الفوائد
الوجه الثاني لا نُسَلِّم قيامَ المقتضي في الحِلْية لأنه لو كان قائمًا لزم التعارضُ بينَه وبين المانع منها بل لزم ترك العمل به للإجماع على عدم الوجوب فيها على عدم المقتضي لم يلزم التعارض المذكور فيكون أولى وطرده الحُلي لمَّا قام المقتضي للوجوب فيه ثبتَ الوجوب لئلا يلزم ترك العمل بالدليل
وهذا الكلام في غايةِ الحُسْن من جانب المعترض وهو يقطع دابر المستدلِّ لأن المعترض يقول أنا عملتُ بالمقتضي في الحِلْية من غير معارضةٍ بمانع وقد عملتُ بعدم المقتضي في الحلية من غير إثباتٍ لمقتضٍ مستلزمٍ تركَ العمل به لمانع فقد احْتَرزْتُ عن محذورِيْن كلاهما خلاف الأصل وأنت التزمتَ مخالفةَ الأصل لأنك ادَّعيتَ أن المشترك مؤثِّر في عدمِ الوجوب وقد ادَّعيتَ قيامَ المقتضي للوجوب فقد تعارض في دليلكَ ما يقتضي الوجوبَ وما ينفيه والتعارضُ على خلاف الأصل
أو يقول لا يخلو إما أن يكون المقتضي للوجوب فيهما قائمًا أو غير قائم فإن لم يكن قائمًا بطل دليلُكَ وقولُكَ بتحقُّقِ الوجوب فيهما بالمقتضي وإن كان قائمًا قال فإما أن تعمل به وهو خلاف الإجماع في الأصل وخلاف قولك في الفرع وعلى التقديرَيْن بطل مذهبُك
وإما أن لا تعمل به فقد التزمتَ تَرْك المقتضي وتركُ الأدلَّةِ على
الصفحة 300
810