كتاب تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل - ط عالم الفوائد
خلافِ الأصل وليس في التعارض محذورٌ أشدّ من الترك
فلئن قال هذا التعارض موجود في الأصل فكذلك في الفرع
قيل لا نُسَلِّم وجودَ المقتضي في الأصل كما ذكرناه وعلى تقدير التسليم فلا يلزم من ترك العمل بالدليل في موضع ترك العمل به في موضع آخر إلا أن تُبَيِّن أنه مثله وأنتَ لم تُبَيِّن أنه مثله بهذا الدليل وهذا الدليل إنما يتمُّ إذا ثبت أنه مثله فصرتَ محتجًّا على الشيء بما ر يتمُّ إلا ببيان الشيء وهذه مصادرةٌ على المطلوب وكثيرًا ما يَسْتَعْمِلها هذا الجدليُّ في أغالِيْطِه بل كثيرٌ من الأغاليط إنما ترُوْجُ بِها فإنه يُغَيِّر العبارة ويُكَثِّر الأقسام ويُطِيْل المقدِّمات ويجعلُ الشيءَ مقدمةً في إثبات نفسه من حيث لا يشعر الغبيّ فافطن لهذا المعنى
الثالث أن يقال المقتضي للوجوب في الأصل إما أن يكون ثابتًا فهو مدفوعٌ بالمانع بالإجماع وذلك المانع إما المشترك أو غيره فلِمَ قلتَ إنه المشترك دون غيره فإنَّ عدمَ الحكم في الأصل يدلُّ على عدمِ موجِبه أو وجود مانعه فإنه إذا لم يتحقق أحدُهما تحقَّقَ الموجبُ السالمُ عن المعارِض فيعملُ عملَه هذا هو الذي يدلُّ عليه عدمُ الحكم فلِمَ تحكَّمْتَ بتعيين كون ذلك المؤثِّر في عدم الحكم هو المشترك دون غيرِه من غيرِ دليل
الصفحة 301
810