كتاب تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل - ط عالم الفوائد

يكون علة للوجوب لذاته فإنَّ جزءَ الشيءِ لا يكون علةً لوجوده وإذا كان هذا ممتنعًا في نفسه لم يكن امتناعُه مدلولاً عليه بعدمِ الوجوب لأن الدليل أن يفيدَ العلمُ به العلمَ بالمدلولِ وهنا عدمُ كونِ المشترك بين الوجوبَيْن علةً أمرٌ ثابتٌ لا يُستفاد من عدم الوجوب
وهذه مناقشةٌ لفظيَّةٌ إذ كان حقُّه أن يقول المشترك بين الصورتين ومثل هذا يَرِدُ عليه في قوله المشترك بين المقدِّمتَيْن فإن العلة اقتضاءً ومنعًا لا تكون من نفس الوجوب وعدم الوجوب وإنما تكونُ من نفسِ الصورتين وجودًا وعدمًا وهذا ظاهر
الوجه السابع سَلَّمْنا أن المشترك بين الوجودَيْن لا يكون علةً ولا يلزم من نفي عِلِّيَّة المشترك نفي عِلِّيَّة المختصّ بالأصل والعلةُ عندنا هي المختصُّ بالأصل وليس في نفي كون المشترك بين الوجودَيْن علةً للوجوب أو بين الصورتين فائدة أصلاً فضمها إلى كون المشترك مانعًا كلام ضائع فإنَّ الترديدَ إنما يكونُ إذا كان الحكمُ ثابتًا على التقديرَيْن
يوضِّح هذا أن قولَه بالمقتضي السالم عن المعارضين كلامٌ باطل فإن المعارضة بِعَدم عِلِّيَّة المشترك لا تتأتَّى لأن المقتضي إن كان قياسًا فلابدَّ أن يكون المشترك عِلّة فكيف يُعارِضُ الشيءُ نفسَه وإن لم يكن قياسًا كان عدمُ علِّيَّة المشترك نفيًا محضًا والنفيُ المَحْضُ ليس بدليلٍ يُعارِضُ الأدلةَ القائمةَ
قوله ولئن منعَ الوجوبَ بالمانع فنقول المانعُ غير مُتحقِّق

الصفحة 305