كتاب تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل - ط عالم الفوائد

المانع إذا كان متحققًا على ذلك التقدير والمقتضِي متحقق فيقع التعارض بينهما والتعارض على خلاف الأصل لاستلزامِه التركَ بأحدِ الدليلين وهو إما المقتضي أو المانع وما تُرِك على ذلك التقدير فذلك غير متروكٍ في نفس الأمر لأنّ أحد الأمرين لازم وهو إمّا عدمُ ذلك الدليل أو وجود مدلوله لقيام الدليل على أحدهما فإن الحال لا يخلو عن وجود ذلك الدليل في الواقع أو عدمه
قلت اعلم أن هذا الكلام أولاً خروجٌ عن كلام العرب الفصيح فإن حرف الشرط إذا وُكِّدَ باللام كانت هذه اللامُ اللامَ الموطِّئةَ للقسم ويصير الكلامُ يطلبُ شيئين جوابَ الشرط وجوابَ القسم فيأتون بجواب القسم وهو يَسُدُّ مَسَدَّ جواب الشرط كقوله وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ [الإسراء 86] وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ [العنكبوت 10] لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ إلى قوله لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ [الأحزاب 60] والمصنِّف كثيرًا في كلامه ما يقول ولئن قال فحقُّه أن يقول لَنقولنَّ كذا تقديره واللهِ إن قالوا لنقولنَّ فهو يأتي بالفاءِ وليس موضع فاء ويذكر الفعل المضارع خاليًا عن نون التوكيد وذلك يدلُّ على نفي الفعل لا على إثبات كقوله قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ [يوسف 85] فيكون المعنى ولئن قال كذا لا نقول له كذا كأنه اعتقد أن هذا موضع جوابِ الشرط وأنه يَسُدُّ مَسَدَّ جواب القسم

الصفحة 33