كتاب تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل - ط عالم الفوائد

الناس يقول المانعُ قد يكون مانعًا للسبب وقد يكون مانعًا للحكم فربَّما يجعلون الفقر مانعًا للسبب وهو المال وليس بجيّدٍ أيضًا من جهة أن عدمَ المال لا يحتاجُ إلى مانعٍ من وجودِه بل يكفي في عدمِه عدمُ سببِ وجودِه فعدمُ المال يُضافُ إلى هدمِ سببِ وجودِه لا إلى وجودِ مانعِ وجودِه وإن فُرِضَ صورةٌ قد انعقدَ فيها سببُ الملكِ فمَنَعَ من الملكِ الذي هو سببُ الزكاةِ مانعٌ هناك يَصحُّ أن يقال قامَ المانعُ لسببِ الزكاة لكن امتناع وجوب الزكاة على الفقير أعمُّ من هذه الصورة
ثمّ الذي يدلُّ على عدمِ الزكاةِ عليه النصوصُ والإجماع وهذه الأدلة لا تكادُ نُسمَّى إلاَّ نَوافِيَ لوجوب الزكاة
وبالجملة فهذه مشاحة لفظية وهذا الكلام من المعترض إذا لم يثبت التلازم بطريق مفصل كلام صحيح وذلك أنه لا يقول لا يخلو إمّا أن يكون المقتضي لوجوبها على الفقير تقدير الوجوب على المدين واقعًا أو غير واقع فإن لم يكن واقِعًا انتفى الوجوب وإن كان واقعًا والنافي للوجوب أيضًا واقعٌ لزِمَ التعارضُ بين المقتضِي والمانع وهو خلاف الأصل فإن قال المانعُ ليس بمتحقق على هذا التقدير قيل له والمقتضي ليس بمتحقق على هذا التقدير فإن ما لزم من أحدِهما لزمَ من الأخر فليس نَفْيُ تحقُّق أحدِهما حذَرًا من المعارضةِ بينه وبين الآخر أولَى من العكس وهذا الكلام يمكن تقريرُه من وجوهٍ كثيرة
قال المستدل هذه الأدلة تَنفي الوجوب على الإطلاق وهذا مسلَّم ولكن لِمَ قلت إنها تنفيه بتقدير وجوبها على المدين ثم تارةً

الصفحة 35