كتاب تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل - ط عالم الفوائد

وصاحبُ ذلك المأْخَذِ وإن كان مخطئًا في نسبة الحكم إليه لكن لما وافقَ الجماعةَ شملته بركةُ الجماعة فأصابَ الحقَّ في تلك الواقعة لموافقةِ الجماعة لا لمأْخّذه وهو غير آثم لأنَّ غايةَ وُسْعه كانت إدراك ذلك المأْخَذ وبناء الحكم عليه إنما كُلِّف بما في وُسْعه
وجوابُ هذا أن يُقال إنما يبطل استدلالي بالإيجاب في حُلي الصبيَّة إذا أوجَبْتُه في مضروبها وأما إذا نفيتُ الوجوب في حُليّ الصبيَّة على وجهٍ يستلزمْ النفيَ في مضروبها فإنَّ استدلالي صحيح لأن النقض حينئذ لا يصح لكون صورة النقض تكون أولى بعدم الوجوب في حُلي البالغة ومختصَّة بما يمنعُ الوجوب فيها وأنا لم أنفِ الحكمَ الثابت إجماعًا في نفس الأمر وإنما نفيتُه على تقديرٍ هو عندي غير واقع وعندي أني مصيبٌ في الأمْرَين ولو فرضنا أني أخطأتُ في أحدهما فدليلي في هذه المسألة إنما يبطل إذا عُلم أني أخطأتُ في نفي ذلك التقدير وهو الوجوب في مضروب الصبيَّة لأنه بتقدير أن أكون أصبتُ في نفي ذلك التقدير فالدليل الصحيح لاستلزام عدم الوجوب في المضروب عدم الوجوب في الحلي فتترجح صورةُ النقض على الفرع وأنتَ لم تُقِمِ الدليل على خطئي في تلك المسألة فلا يكون نقضُك صحيحًا وهذا كلامٌ محقَّقٌ في نفسه
واعلم أنه يمكنُ الاعتراضُ على الجواب الذي ذكره المصنف بأن يقال قولك لو لم يكن ثابتًا فيها كان الفَرْع راجحًا على النقض

الصفحة 356