كتاب تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل - ط عالم الفوائد

يُمكِنُه منعُ وجودِ ما يَنفِي الحكم مطلقًا على ذلك التقدير وهذا يتوجَّه إذا ادعى السائل مانعًا من قياسٍ أو تلازمٍ ونحو ذلك تارةً يقول لا أسلِّم دلالتَه مثل أن يكون النافي للوجوب نصًّا ونحوه فلا يمكن منعُ وجودِ النصّ لكن مَنْعُ دلالتِه على الوجوب إما بمنعِ كونه مرادًا من النصّ أو بمنع كون اللفظ مفيدًا له في الجملة أو نحو ذلك من دلالات الألفاظ
وإنما توجَّه مَنْعُ النافي على ذلك التقدير لأن تقدير وجوبها على المدين جاز أن يكون واقعًا في الواقع وجاز أن لا يكونَ واقعًا والدالُّ على الحكم دالٌّ على ثبوته على كل تقدير لا ينافيه أما على كل تقديرٍ سواءٌ كان واقعًا أو غيرَ واقعٍ وسواءٌ كان جائزًا أو ممتنعًا فليس بصحيح لأنه ما من دليل على الحكم إلاّ ويمكن أن يُفرَضَ معه وجودُ ما ينفيه ثم يقال هذا الدليل دالٌّ على كلّ تقدير وهذا من جملة التقديرات وذلك التقدير يمنع وجودَ الحكم فيلزم الجمعُ بين النقيضين وتعارضُ الأدلة اليقينية وذلك محالٌ وإنما لزم هذا حين فرضنا ثبوتَ الحكم على كلّ تقديرٍ عُلِمَ أنه واقعٌ أو لم يُعلَم أنه واقع فيكون هذا الفرض مُفضِيًا إلى محالٍ فيكون محالاً
وأمثلةُ هذا الكلام المزّيف الذي لا يقوله عاقل كثيرة حتى يتمكنَ من تقوُّلِه مَن استباحَ القضايا المتناقضة من التراكيب الفاسدةِ مثل أن يقول الصلاة والزكاة والصيام والحج واجبةٌ بالأدلة الموجبة وهي مُوجبةٌ لها على كلّ تقدير ومن التقديرات عدمُ بعثة رسولٍ

الصفحة 36