كتاب تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل - ط عالم الفوائد
على من قال بقول قومٍ في مسألةٍ أن يقول بقولهم في المسألة الأُخرى وإنَّما عليه أن يَتْبَعَ في كلِّ مسألةٍ دليلَها اللائقَ بها والعلمُ بهذا ضروريٌّ عقلاً وشرعًا
ومع هذا فقد حُكِيَ عن بعض ما يتكلَّم في أصول الفقه أنه لا يجوز التفريق وكذلك بعضُ هؤلاء الجدليين المُغالِطيْن يسلُكُ مثل هذه الطريقة وأقلُّ لوازم هذا أنه يُستدلَّ بدليلٍ واحدٍ في جميع مسائل الخلاف لعدم القائل بالفَرْق ولا يخفى على ذي عقلٍ أنَّ هذا هذيانٌ يجب ألاَّ يُلْتَفَتَ إلى فاعله
ويُقال لقائلِ هذا ولا قائل بالجمع فإنهم لم يجمعوا بين حُكْم المسألتين حتى جعلوا الحكمَ المعيَّن في هذه مستلزمًا للحكم المعيَّن في هذه فهمن جمعَ بينهما فقد خالفَ الإجماعَ ومن استدلًّ بقوله لا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ في مسألةِ الإدالَةِ فقد خرج عن مسالك العقل والدين والحياء
ويقال له الجمعُ والفَرْقُ إنما يكون بين شيئين اشتركا فيما يقتضي الحكم فيهما ولو بَعُدَ وليس بين هاتين المسألتين جَمْعٌ ولا فَرْقٌ
ويُقالُ له الفرقُ إنما يكونُ عند الاشتراك في الحكم وكذلك الجمع فأما إذا كان حُكم إحداهما الوجوب وحُكْم الأُخرى عدم الوجوب فكيف تنفي الفَرْق
الصفحة 361
810