كتاب توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 2)

................. ... لها سبب ترعى به الماءَ والشجرَ
واختُلف أيضا في هذا التضمين، والأكثرون على أنه ينقاس.
وضابطه عندهم: أن يكون الأول والثاني يجتمعان في معنى عام.
قال الشيخ أبو حيان: والذي أختاره التفصيل، فإن كان العامل الأول تصح نسبته إلى الاسم الذي يليه حقيقة, كان الثاني محمولا على الإضمار؛ لأن الإضمار أكثر من التضمين، نحو: "جدع الله أنفه وعينه" أي: "ويفقأ عينه"1, فنسبة الجدع إلى الأنف حقيقة.
وإن كان لا يصح كان العامل مضمنا معنى ما يصح نسبته إليه؛ لأنه لا يمكن الإضمار، نحو قول العرب: "علفت الدابة ماء وتبنا" أي: أطعمتها أو غذيتها.
وقوله: دفعا لوهم اتُّقي.
يعني: أن إضمار العامل في "نحوه"2 يدفع توهم أنه معطوف أو مفعول معه.
فإن قلت: ولِمَ كان حمله على العطف أو المعية وَهْمًا؟
قلت: أما العطف؛ فلأن العامل لا يصلح للعمل فيه، وأما المعية؛ فلأنها غير مرادة هنا، وذلك واضح.
وقوله:
وحذف متبوع بدا هنا استبِحْ
__________
= "سبب" مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة، والجملة صفة لصرمة, "ترعى" فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر فيه، "به" متعلق بترعى, "الماء" مفعول به منصوب بالفتحة, "والشجر" عطف عليه.
الشاهد فيه: "ترعى به الماء والشجر" حيث إنه عطف "الشجر" على وترعى به الماء.
وإن قوله: "ترعى به الماء والشجر" يدل على صحة العطف في قول القائل: علفتها تبنا وماء باردا، وأطعمته تمرا ولبنا خالصا.
1 ب، جـ.
2 أ، ب, وفي جـ "في نحو ذاك".

الصفحة 1031