كتاب توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 2)

وبدل الاشتمال نحو1:
.................. ... وما أَلْفيتني حِلْمي مُضَاعا
ومثله قوله: "ابتهاجك استمالا"2.
وأما بدل الكل، فإما أن يفيد معنى الإحاطة كالتوكيد, أو لا.
فإن أفاد معنى الإحاطة جاز نحو: "جئتم صغيركم وكبيركم", ومنه {تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا} 3.
__________
1 قائله: هو عدي بن زيد العبادي شاعر جاهلي, وهو من الوافر.
صدره ذريني إن أمركِ لن يطاعا
اللغة: "ذريني" دعيني -يخاطب امرأة- أمر من يذر بمعنى يدع, "ألفيتني" وجدتني.
المعنى: يخاطب عاذلته على إتلاف ماله فيقول: ذريني من عذلك, فإني لا أطيع أمرك, فالحلم وصحة التمييز والعقل يأمرنني بإتلافه في اكتساب الحمد ولا أَضيع.
الإعراب: "ذريني" فعل أمر مبني على حذف النون وياء المخاطبة فاعله والنون للوقاية والياء مفعول به, "إن" حرف توكيد ونصب, "أمرك" اسم إن والكاف مضاف إليه, "لن" نافية ناصية, "يطاعا" فعل مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه والألف للإطلاق، والجملة في محل رفع خبر إن، وجملة إن واسمها وخبرها لا محل لها مستأنفة للتعليل, "وما" الواو عاطفة وما نافية, "ألفيتني" فعل ماض وتاء المخاطبة فاعله والنون للوقاية والياء مفعوله الأول, "حلمي" بدل اشتمال من ياء المتكلم في ألفيتني, والياء مضاف إليه, "مضاعا" مفعول ثانٍ لألفي.
الشاهد فيه: "ألفيتني حلمي" حيث أبدل الاسم الظاهر وهو "حلمي" بدل اشتمال من ضمير الحاضر, وهو ياء المتكلم في "ألفيتني".
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 39/ 2، وابن عقيل 186/ 2، والمكودي ص124, وذكره سيبويه 78/ 1, وابن يعيش 65/ 3، والسيوطي في الهمع 127/ 2، والشاهد رقم 369 في الخزانة، وابن هشام في الشذور ص457.
2 أي: فرحك استمالا -السين والتاء زائدتان أو للصيرورة- أي: أملت القلوب إليك أو صيرتها مائلة إليك, وابتهاجك بدل من الضمير في أنك، واستمالا خبر أن.
3 أي: لجميعنا؛ لأن عادة العرب التعبير بالطرفين وإرادة الجمع. فأولنا وآخرنا بدل كل من الضمير "نا" المجرور باللام، وهو من الآية 114 من سورة المائدة.

الصفحة 1045