كتاب توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 3)

وقد ذكر الثلاثة في الكافية، واقتصر هنا على الأولين كالتسهيل؛ لقلة الثالث. فأشار إلى الأول بقوله:
إذا استُغيث اسمٌ منادى خُفِضَا ... باللام مفتوحا كَيَا للمُرْتَضَى
إنما جر المستغاث باللام للتنصيص على الاستغاثة، وفتحت لوقوعه موقع المضمر، ولكونه منادى، وليحصل بذلك فرق بينه وبين المستغاث من أجله، وإنما أعرب مع كونه منادى مفردا معرفة؛ لأن "تركيبه"1 مع اللام أعطاه شبها بالمضاف. وقد فهم من النظم فوائد:
الأولى: أن "استغاث" متعد بنفسه لقوله: "إذا استُغيث اسم منادى".
والنحويون يقولون: مستغاث به.
قال في شرح التسهيل: وكلام العرب بخلاف ذلك، والمعروف في اللغة تعدي فعله بنفسه.
قال الله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ} 2.
وقيل: بل هو يتعدى بوجهين، وقد جاء "تعديه"3 بالباء في أبيات.
الثانية: أن المستغاث معرب؛ لقوله: "خفضا" وتقدم بيانه.
الثالثة: أنه يجوز أن يكون بأل، وإن كان منادى؛ لأن حرف النداء لم يباشرها. فُهِمَ "ذلك"4 من تمثيله، وهو مجمع عليه.
فإن قلت: يرد على عبارته ثلاثة أشياء:
الأول: أنه قال: "اسم منادى" وأطلق فأوهم أنه يجوز نداؤه بغير ياء، وذلك غير جائز، فإن المستغاث لا يُنادى إلا بيا.
__________
1 "أ" وفي ب، ج "تركبه".
2 من الآية 9 من سورة الأنفال.
3 ب، ج، وفي أ "تعديته".
4 ب، وفي أ، ج "بذلك".

الصفحة 1111