كتاب توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 3)

والثاني: أنه قال "خفضا باللام" بصيغة الجزم، وقد تقدم أنه ليس بلازم، وبل هو الأكثر.
والثالث: أنه قال: "مفتوحا" وأطلق، وثَمَّ موضع يكسر فيه وهو مع ياء المتكلم في نحو "يَالِي". وقد أجاز أبو الفتح في قوله1:
فَيَا شَوْقِ ما أبقى ويَالِي من النَّوَى
أن يكون استغاث بنفسه "وأن يكون استغاث لنفسه"2.
قلت: الجواب على الأول أن قوله بعد: "إِنْ كرَّرْتَ يا" يرشد إلى ذلك؛ إذ لم يقل: إن كررت حرف النداء.
وعن الثاني: أن قوله بعد: "ولامُ ما استُغيث عَاقَبَتْ أَلِفْ" يوضح أن جره باللام ليس بلازم.
__________
1 قائله: هو أبو الطيب -أحمد بن الحسين- المتنبي، وهو من الطويل.
وتمامه:
ويا دَمْعُ ما أجرى ويا قلب ما أصْبى
اللغة: "النوى" -بفتح النون والواو مقصورا- البعد "ما أصبى" من صبا يصبو إذا مال، ومنه الصبى؛ لأنه يميل إلى كل شيء.
الإعراب: "فيا" يا حرف نداء والمنادى محذوف. أي: فيا قوم شوقي ما أبقاه، أو تكون يا لمجرد التنبيه "شوق" مبتدأ وأصله شوفي بياء المتكلم فحذفت اكتفاء بالكسر "ما أبقى" ما للتعجب في محل رفع بالابتداء، وجملة أبقى في محل رفع خبره، والعائد محذوف ما أبقاه، ونفس الكلام تقوله في: ويا دمع ما أجرى، وفي: يا قلب ما أصبى "يا" حرف نداء واستغاثة "لي" جار ومجرور متعلقان بفعل ومحذوف تقديره: أدعو نابت عنه "يا" عند الجمهور، إن كان مستغاثا به، أو بيا نفسها عند الفارسي وابن جني، وإن كان مستغاثا لأجله فالجار والمجرور متعلقان بوصف محذوف حال من المنادى، والتقدير: يا لزيد مدعوا إلى.
الشاهد فيه: "ويالي من النوى" فإن اللام فيه لام الاستغاثة وهي مكسورة.
مواضعه: ذكره الأشموني في شرحه للألفية 461/ 2، وابن هشام في المغني.
2 أ، ج.

الصفحة 1112