كتاب توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 2)

نحو: "من أكرمت؟ "؛ لأن اسم الاستفهام له الصدر، وممتنع ويمنعه ما أوجب تأخره أو توسطه.
ثم قال:
وأخِّر المفعول إن لبس حُذر ... أو أُضمر الفاعل غير منحصر
يجب تأخير المفعول في ثلاث مسائل:
الأولى: إذا خِيف التباسه بالفاعل؛ لخفاء الإعراب فيهما ولا قرينة, نحو:
"ضرب موسى عيسى" فيتعين كون الأول فاعلا "كذا"1 قال ابن السراج. وتظافرت2 على ذلك نصوص المتأخرين، ونازعهم في ذلك ابن الحاج3 في نقده على ابن عصفور, وقال: لا يوجد في كتاب سيبويه شيء من هذه الأغراض الواهية، ولا يبعد أن يقصد قاصد "ضرب أحدهما" من غير تعيين4, فيأتي باللفظ المحتمل، ولا يمنع أن يتكلم به لغة ويتأخر البيان إلى وقت الحاجة5.
نعم، يمكن أن يقال: إذا أجملا6.
فينبغي أن يبقى مع الظاهر من تقديم الفاعل، لكن ليس هذا قطعا على منعه.
قال الزجاج في معانيه7 في قوله تعالى: {فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ 8} 9:
__________
1 أ، ب.
2 قال الصبان 3/ 39: "هكذا اشتهر بالظاء، والصواب: تضافر بالضاد المعجمة, يقال: "تضافر القوم أي: تعاونوا"".
3 هو ابن العباس أحمد بن محمد الأزدي الإشبيلي المعروف بابن الحاج. كان عالما بالعربية محققا حافظا للغات، وله مختصر خصائص ابن جني، ونقود على الصحاح وإيرادات على المقرب لابن عصفور، وأمالي على كتاب سيبويه، وكان يقول: إذا مت يفعل ابن عصفور في كتاب سيبويه ما يشاء. ومات سنة 647هـ.
4 قال الأشموني: "ضرب أحدهما الآخر", وهناك دليل خامس لم يذكره وذكره الأشموني والسيوطي في الهمع "فأجاز تقديم المفعول والحالة هذه, محتجا بأن العرب تجيز تصغير عمر وعمرو على عمير".
5 لأن تأخير البيان إلى وقت الحاجة جائز عقلا وشرعا.
6 لأن الإجمال من مقاصد العقلاء.
7 هو كتاب في معاني القرآن له.
8 من الآية 15 من سورة الأنبياء.
9 راجع الأشموني 1/ 176.

الصفحة 594