كتاب توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 2)

......... ... وشذ نحو: زانَ نورُه الشجر
أي: شذ تقديم الفاعل الملتبس بضمير المفعول عليه؛ لما يلزم من عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة1.
قال المصنف: والنحويون -إلا أبا الفتح- يحكمون بمنع "مثل"2، هذا والصحيح جوازه3.
واستدل على ذلك بالسماع، وأنشد ستة أبيات4, وأنشد غيره أبياتا أخر.
وذكر لجوازه وجها من القياس5, وقد أجازه قبله وقبل أبي الفتح، الأخفش من البصريين، والطوال من الكوفيين6.
وتأول المانعون بعض الأبيات بما هو خلاف الظاهر، وقد أجازه بعضهم في الشعر دون النثر، وهو الإنصاف؛ لأن ذلك إنما ورد في الشعر7، والله أعلم.
__________
1 لأن الشجر مفعول وهو متأخر لفظا, والأصل فيه أن ينفصل عن الفعل فهو متأخر رتبة ا. هـ. ابن عقيل 1/ 280.
2 أ، ب.
3 أي: نظما ونثرا.
4 منها قوله:
ولو أن مجدا أخلد الدهر واحدا ... من الناس أبقى مجده الدهر مطعما
وقوله:
وما نفعت أعماله المرء راجيا ... جزاء عليها من سوى من له الأمر
وقوله:
جزى بنوه أبا الغيلان عن كبر ... وحسن فعل كما يجزى سنمار
وقوله:
كسا حلمه ذا الحلم أثواب سؤدد ... ورقى نداه ذا الندى في ذرا المجد
وقوله:
جزى ربه عني عدي بن حاتم ... جزاء الكلاب العاويات وقد فعل
وقوله:
لما رأى طالبوه مصعبا ذعروا ... وكاد لو ساعد المقدور ينتصر
5 قاسه على المواضع التي يجوز فيها عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة ا. هـ. صبان 2/ 4.
6 هو: أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله الطوال النحوي, من أهل الكوفة وأحد أصحاب الكسائي والفراء. كان حاذقا بإلقاء المسائل العربية، قدم بغداد وأقرأ فيها، وحذق عن الأصمعي, ولم يشتهر له تصنيف, ومات سنة 243هـ.
7 راجع الأشموني 1/ 178.

الصفحة 597