كتاب توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 2)

إذا خِيف التباس فعل المفعول بفعل الفاعل بسبب شكل، وهو ضم الفاء "أ"1 وكسرها وجب حينئذ ذلك الشكل الذي بسببه وقع اللبس، فتقول في "بيع": "بعت يا عبد" بإخلاص الضم أو بالإشمام، وفي "عوق"2: "عقت يا زيد" بإخلاص الكسر أو بالإشمام، إذ لو أخلصت الكسر في "بعت" والضم في "عقت" لالتبس فعل المفعول بفعل الفاعل.
وما ذكره من اجتناب الشكل الملتبس لم يتعرض له سيبويه، بل ظاهر كلامه جواز الأوجه الثلاثة مطلقا3.
ويؤيده ما حكاه ذو الرمة عن أمة بني فلان: غُثنا ما شئنا "وهو فُعلنا"4؛ لأنه يقال: غيث القوم.
ثم قال:
........... ... وما لباع قد يُرَى لنحو حب
يعني: أن الثلاثي المضاعف المدغم يجوز في فائه ما جاز في فاء "باع" من إخلاص الكسر والضم والإشمام نحو: "حِبّ ورُدَّ" وقرئ: "هذه بضاعتنا رِدَّتْ إلينا"5 ولكن الأفصح في المضاعف الضم. وقال بعضهم: لا يجوز غيره، والصحيح الجواز6.
فإن قلت: هل يعرض في المدغم "من الإلباس"7 ما عرض في نحو: "قيل وبيع"؟
قلت: لا؛ لأن المضاعف إذا بني للفاعل فتحت فاؤه إلا فيما كان على "فعل" إذا نقلت ضمة عينه إلى الفاء نحو: "حب"8 فيعرض اللبس بإخلاص الضم. فقياس من راعى إزالة اللبس أن يقول: "حِبّ" بالكسر أو بالإشمام.
__________
1 ب، جـ.
2 أ، جـ, وفي ب "عيق".
3 راجع الأشموني 1/ 182.
4 أ.
5 من الآية 65 من سورة يوسف, قراءة علقمة.
6 لقراءة الضم "رُدت إلينا".
7 أ، ب, وفي جـ "الالتباس".
8 أ، جـ, وفي ب "حبب".

الصفحة 603