كتاب توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 2)

الأول: أن يكون متصرفا، فلا يجوز نيابة "سبحان" ونحوه.
والثاني: أن يكون لغير مجرد التوكيد, فلا يجوز: "ضُرب ضُرب" لعدم الفائدة.
والثالث: أن يكون ملفوظا به, أو مدلولا عليه بغير العامل نحو: "بلى سِير" لمن قال: ما سير سير شديد، فلو دل عليه "العامل"1 لم ينب, خلافا لبعضهم.
وأما المجرور, فلا يقبلها إلا بشرطين:
الأول: "ألا يلزم"2 الحرف الجار له وجها واحدا في الاستعمال, كمذ "ومنذ"3 ورب والكاف وما خص بقسم واستثناء, فلا ينوب شيء من ذلك كما لا ينوب الظرف غير المتصرف.
والثاني: ألا يكون للتعليل "كاللام والباء ومن" إذا دلت على التعليل.
ذكر ذلك بعض النحويين، وقد أجاز "بعضهم"4 ذلك في قوله:
يُغضِي حياء ويُغضَى من مهابته5 ... ...........
__________
1 أ، جـ. وفي ب "بالعامل".
2 ب، جـ. وفي أ "يكون لا يقبل".
3 ب.
4 أ.
5 صدر بيت، قائله الفرزدق همام بن غالب, من قصيدة طويلة من البسيط يمدح بها الفرزدق زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب, رضي الله عنه.
وعجزه:
فما يكلم إلا حين يبتسم
الشرح: "يغضي" على صيغة المعلوم: يغمض جفونه, من الإغضاء وهو إدناء الجفون بعضها من بعض, "مهابته": المهابة: الهيبة، والمهابة: التعظيم والإجلال، "يبتسم" الابتسام: أوائل الضحك، "يكلم" على صيغة المجهول، "يغضى" الثانية على صيغة المجهول.
المعنى: أن زين العابدين محتشم ذو حياء وجلال. فهو يغمض جفونه من الحياء ويغمض الناس جفونهم من هيبته, فإذا ابتسم هدأ روع الناس، فما يكلم إلا وقت ابتسامه.
الإعراب: "يغضي" فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى الممدوح, "حياء" مفعول لأجله منصوب بالفتحة الظاهرة, "ويغضى" الواو حرف عطف, يغضى فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بضمة مقدرة على الألف ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو, "من" حرف جر, "مهابته" مجرور بمن وهو مضاف وضمير الغائب العائد إلى الممدوح مضاف إليه. =

الصفحة 605