كتاب توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 2)

وذكر ابن إياز أن الباء الحالية في نحو: "خرج زيد بثيابه" لا تقوم مقام الفاعل, كما أن الأصل الذي ينوب عنه كذلك. وكذلك المميز إذا كان معه "مِن" كقولك: "طبت من نفس"، فإنه لا يقوم مقام الفاعل أيضا1.
قلت: دخول "من" في هذا المثال غير جائز, وسيأتي في بابه2.
فإن قلت: قوله: "أو حرف جر" يقتضي أن النائب إنما هو حرف جر، فيكون في محل رفع كما نقل عن الفراء.
قلت: مذهب البصريين، أن النائب إنما هو المجرور لا الحرف ولا المجموع، ولما كان الحرف "ملازما"3 للمجرور اكتفى بذكره.
وظاهر كلامه في الكافية4 والتسهيل أن النائب هو الجار والمجرور معا.
ثم قال:
ولا ينوب بعض هذي إن وجد ... في اللفظ مفعول به وقد يرد
الإشارة "بهذي" إلى الظرف والمصدر "وحرف الجر"5.
__________
= "فما" الفاء للتفريع، ما حرف نفي, "يكلم" فعل مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو, "إلا" حرف استثناء لا عمل له, "حين" ظرف زمان متعلق بيتكلم, "يبتسم" فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
الشاهد: في "ويغضى من مهابته"؛ لأن النائب عن الفاعل فيه هو ضمير المصدر أي: هو الإغضاء. وكلمة "من" للتعليل أي: لأجل مهابته وهو مفعول له؛ فلذلك لم ينب عن الفاعل.
وذهب الأخفش إلى أن قوله: "من مهابته" نائب فاعل يغضى مع اعترافه بأن "من" حرف جر للتعليل، وعنده أنه لا تمنع نيابة المفعول لأجله عن الفاعل.
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن هشام 1/ 277، 2/ 131، وداود، والسندوبي، والأشموني 1/ 183, وذكره ابن يعيش في شرح المفصل 2/ 53.
1 راجع الأشموني 1/ 183.
2 عند قول ابن مالك:
واجرر بمن إن شئت غير ذي العدد ... والفاعل المعنى كطب نفسا تفد
3 أ، جـ, وفي ب "مقارنا".
4 الكافية لابن مالك, ورقة 35.
5 أ، جـ. وفي ب "الجار".

الصفحة 606