كتاب توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 2)
وليس هذا بضرورة؛ لتمكنه من أن يقول: "جفاني ولم أجف الأخلاء" فيعمل الأول ويحذف "مفعول"1 الثاني لأنه فضلة.
ثم قال:
ولا تَجِئْ مع أول قد أُهملا ... بمضمر لغير رفع أُوهِلا
بل حذفه الزمْ إن يكن غير خبر ... وأَخِّرَنْه إن يكن هو الخبر
إذا أهمل الأول, فإما أن يطلب مرفوعا أو منصوبا.
إن طلب مرفوعا أضمر فيه خلافا للكوفيين كما سبق2، وإن طلب منصوبا فإما أن يكون فضلة أو غير فضلة.
فإن كان فضلة وجب حذفه عند الجمهور؛ لأنه مستغنى عنه فلا حاجة لإضماره قبل الذكر، ولم يوجب في التسهيل حذفه, بل جعله أولى3.
ومن إثباته قول الشاعر:
إذا كنت تُرضيه ويُرضيك صاحب ... جِهَارا فكن في الغيب أحفظ للود4
__________
1 أ، ب, في جـ "معمول".
2 عند قول ابن مالك:
........... ... وقد بغى واعتديا عبداكا
3 قال في التسهيل ص86: "ويجوز حذف المضمر غير المرفوع ما لم يمنع مانع، ولا يلزم حذفه أو تأخيره معمولا للأول خلافا لأكثرهم, بل حذفه إن لم يمنع مانع أولى من إبقائه متقدما".
4 البيت من الشواهد التي لم تنسب لقائل. ولم يتعرض العيني لقائله وبحثت فلم أعثر على قائله, وهو من الطويل.
الشرح: "جهارا" -بكسر الجيم, بزنة كتاب- أي: عيانا ومشاهدة، "الغيب": كل ما غاب واستتر عنك فهو غيب، "الود" -بضم الواو- المودة والمحبة.
المعنى: يحض الشاعر على ألا تكتفي في مودة صديقك بأن ترضيه في حال حضوره وعيانه ومشاهدته، وأن تقوم على حفظ وداده في حال غيبته بأكثر مما يكون منك ومنه في حال العيان, وأمام الناس.
الإعراب: "إذا" ظرفية تضمنت معنى الشرط, "كنت" كان واسمها, "ترضيه" فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت وضمير =