كتاب توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 1)

الفصل الثالث:
شيوخ ابن أم قاسم:
نبغ الشيخ المرادي المعروف بابن أم قاسم، وذاع صيته واشتهر بين الخلق وبرع في النحو والفقه والأصول والقراءات، وله في كل فن خبرة، وأخذ عنه الكثير ونقلوا من كتبه، وذلك لدقة قوله وحصافة رأيه، ووضعه الأمور في نصابها، ووزن رأيه بميزان العدل فرجحت كفته، وفاق الكثير من أقرانه. وذلك بفضل شيوخه الذين تلقى عنهم وتعلم على أيديهم وجلس في حلقات دروسهم، واستمد شعاع النور منهم على نهجهم، معضدا ذلك بأفكاره وآرائه ومقترحاته، وبالبحث لم ينقل إلا عن شيخه أبي حيان.
وسأذكر بعض شيوخ ابن أم قاسم الذين تتلمذ عليهم, حسب الترتيب الزمني في وفياتهم.
1- أبو زكريا الغماري:
نسبه: هو يحيى بن أبي بكر عبد الله الغماري التونسي أبو زكريا الصوفي.
مولده: قال السيوطي: ولد سنة 643 ثلاث وأربعين وستمائة من الهجرة.
من حياته: تعلم العربية ومهر فيها، وانتفع من الكثير وأفاد الجمع من علمه بعربيته، وتقلب على أيدي العلماء وجلس في حلقاتهم طلبا للعلم والتحصيل، وكان بارزا في العربية لامعا بين أقرانه.
قال السيوطي: قرأ العربية بتونس على أبي الحسن بن العصفور وبدمشق على ابن مالك صاحب الألفية, وبالقاهرة على الشيخ البهاء بن النحاس، ومع ذلك كانت بضاعته في النحو مزجاة, وقال ابن حجر في الدرر الكامنة: أخذ عن عبد الحق بن سبعين، كتب عنه ابن سيد الناس وابن رافع, وكان عالما بالقراءة متقنا لها متفننا فيها، ذاع أمره واشتهر بين الناس وعلا قدره وازدهر نجمه، حتى عين مقرئا، فالتف حوله خلق كثير، وكان متوقد الذكاء صافي الذهن حريصا على القراءة حرصا لا يضاهيه أي حرص.

الصفحة 73