كتاب توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 2)

قال الشيخ أبو حيان: وعندي تأويل أقرب من هذا، وذلك أن يدعى أن في نعم وبئس ضميرا، وفحلا وفتاة وزادا تمييز تأخر عن المخصوص، وفحلهم وهند وزاد أبيك إبدال.
والمذهب الثالث التفصيل، فإن أفاد التمييز معنًى لا يفيده الفاعل جاز نحو: "نعم الرجل رجلًا عالمًا" ومنه في الأثر: "نعم المرءُ من رجل لم يطأ لنا فراشا, ولم يفتش لنا كنفا منذ أتانا"1.
ومنه قوله2:
................. ... فنعم المرء من رجل تهامي
__________
1 كنفا: سترا.
2 قائله: هو أبو بكر بن الأسود المعروف بابن شعوب الليثي، يرثي هشام بن المغيرة.
وصدره:
تخيره فلم يعدل سواه
وهو من الوافر.
اللغة: "تخيره" اصطفاه, "لم يعدل" لم يمل, "تهامي" منسوب إلى تهامة، وتطلق على مكة.
المعنى: أن الموت اختار هشاما ولم يعدل به سواه، ولم يمل إلى غيره من الناس فهو نعم الرجل من تهامة.
الإعراب: "تخيره" فعل ماض والفاعل يعود على الموت في بيت قبله والهاء مفعوله تعود على هشام في بيت قبله, "فلم" الفاء عاطفة ولم جازمة نافية, "سواه" مفعول يعدل منصوب بفتحة مقدرة على الألف والهاء مضاف إليه, "فنعم" عاطفة ونعم فعل ماض, "المرء" فاعل, "من" زائدة, "رجل" تمييز للمرء منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها حرف الجر الزائد, "تهامي" صفة لرجل.
الشاهد فيه: "نعم المرء من رجل" حيث جمع بين فاعل نعم الظاهر وهو "المرء", وبين التمييز وهو "من رجل"، وقد أفاد التمييز معنى زائدا عما أفاده الفاعل، وذلك بواسطة نعته.
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 376/ 2، وابن هشام 85/ 3, وذكره ابن يعيش 133/ 7، والسيوطي في الهمع 86/ 4.

الصفحة 917