كتاب توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 1)

ثم انتقل إلى الباب الرابع في الرباعي، وهو ضربان: متفق عليه ومختلف فيه وجملته تسعة عشر حرفا وهي:
إذما، وألا، وأما، وإما ... إلخ. ثم ذكرها أيضا على الترتيب. بسطها بأسلوبه بسطا يزيل كل شبهة.
وقد اعتمد على أبي حيان، واعتد برأيه معارضا رأي ابن مالك، قال في "حتى": ولا يجوز أن تقول: أكلت السمكة حتى نصفها أو ثلثها، قال الزمخشري: لأن تفعل المتعدي بها الغرض منه أن ينقضي شيئا فشيئا حتى يأتي عليه. وقال ابن مالك: لا يلزم واستدل بقول الشاعر:
عينت ليلة فمازلت حتى ... نصفها راجيا فعدت يئوسا
قال الشيخ أبو حيان: ولا حجة له في هذا البيت ... إلخ.
ثم انتقل إلى الباب الخامس في الخماسي: وهو ثلاثة أحرف، واحد متفق على حرفيته وهو "لكن"، واثنان فيهما خلاف وهما "أنتما وأنتن" ذكر ذلك مفصلا.
وكان يعقب كل قسم من الأقسام بقوله: "والله أعلم".
وفي نهاية كتابه قال: وذكر بعضهم أن "كان" الزائدة حرف, وكذلك "أصبح وأمسى" في قول العرب: "ما أصبح أبردها وما أمسى أدفأها" قال: لأن الأفعال لا تزاد.
وقد كان حق هذه الألفاظ أن أذكرها في باب الثلاثي والرباعي، وإنما أهملت ذكرها هنا لشهرتها وغرابة القول بحرفيتها.
وهكذا كان كتاب الجنى الداني في حروف المعاني بحرا فياضا لمن أراد أن يرتوي، وبلسما شافيا لمن أراد أن يستشفي، ومعينا لا ينضب لمن أحب تزويد نفسه.
فنرى ابن هشام في كتابه مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، قد أدلى بدلوه، ونهل من معينه وسار على نهجه واتبع طريقته.

الصفحة 94