كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 1)
¬[المبحث السادس] رحلاته
لم يرحل ابن حزم إلى المشرق -على عادة أهل الأندلس في الرحلة إليه طلبا للعلم، واستزادة مِنْهُ: لأنه تهيأ له في قرطبة من أسبابه ما جعله في غُنية عن ذلك.
ولقد كان يتشوق إلى زيارة بغداد - عاصمة العلم والفكر في ذلك الوقت، ولذلك كان يقول:
ولي نحو آفَاقِ العراق صبابة ... ولا غرو أن يستوحش الكلف الصَّبُّ
فإن ينزل الرحمن رحلتي بينهم ... فَحينئذ، يبدو التأسُّف والكرب (¬١)
ولقد خرج ابن حزم -في أول حياته- من مسقط رأسه مضطرا كارها عندما وقعت الفتنة، واضطرب أمر الناس، وَتَفَلَّتَ الأمنُ، يقول في ذلك: "ووقع انتهاب جند البربر منازلنا في الجانب الغربي بقرطبة ونزولهم فيها ... وتقلبت بي الأمور إلى الخروج من قرطبة، وسكنى مدينة ألمرية" (¬٢).
ويحدد ابنُ حزم تاريخَ هذا الخروج من قرطبة فيقول: " ... فخرجت عن قرطبة أول المحرم سنة أربع وأربعمائة ... " (¬٣).
وأقام ابنُ حزم في المرية ثلاث سنوات، اعتقله فيها "خيران" (¬٤)
---------------
(¬١) انظر: جذوة المقتبس (ص ٤٩١) وسبق تخريج هذين البيتين في جملة أبيات أخرى.
(¬٢) انظر: طوق الحمامة ضمن رسائل ابن حزم (ج ١/ ص ٢٦١).
(¬٣) انظر: طوق الحمامة ضمن رسائل ابن حزم (ج ١/ ص ٢٥٢).
(¬٤) هو خيران مولى المنصور بن أبي عامر، توفي سنة ٤١٨ هـ. انظر ترجمته في: نفح الطيب (ج ١/ ص ١٤١) والمغرب في حلي المغرب (ج ٢/ ص ١٦٢).
الصفحة 101
1362