كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 3)

وقاسوا ما يمتنع بوجوده المسح على الخفين من الخرق في أحدهما، على ما يجزئ عندهم من مسح الرأس (¬١)، فهل سمع بأحمق من هذا القياس وهل يَسْبِقُ إلى سامع ذلك، إلا أنهم قوم متطايبون (¬٢)، متماجنون، أو سخفاء ممرورون (¬٣)!
ولم يقيسوا مسح الرأس في أن يكون مرتين، أو ثلاثا على عدد تطهير سائر الأعضاء، وكل ذلك وضوء وطهارة للصلاة، ولم يقيسوا قولهم بتنكيس الوضوء، وتنكيس السجود المنسي في الصلاة، وتنكيس الطَّواف، وتنكيس الأذان، على منعهم من تنكيس أول الصلاة، وعلى منعهم من تنكيس خطبة الجمعة بعد صلاة الجمعة، ولم يقيسوا إجازتهم بيع اللحم بالحيوان من جنسه، وَإنْ كان ذلك اللحم أقل مما في ذلك الحيوان في اللحم، على منعهم من بيع الزيت بالزيتون، والنوى بالتمر، واللبن باللبون (¬٤)، والصوف بالشاة، إلا أن يكون الزيت والنوى واللبن والصوف، أكثر منها في الزيتون، وفي التمر وفي اللبون وفي الشاة! !
وقاسوا الوضوء على ستر العورة، وعلى إزالة النجاسة في إسقاط
---------------
(¬١) انظر المبسوطَ (ج ١/ ص ١٠٠) وتبيين الحقائق (ج ١/ ص ٤٩) وبدائع الصنائع (ج ١/ ص ١١) واللباب في شرح الكتاب (ج ١/ ص ٣٨).
(¬٢) يقال طايبه: إذا مازحه والمتطايب: الممازح وانظر القاموس مادة طاب (ص ١٤١).
(¬٣) الممرور: المصاب بالمرارة وانظر القاموس مادة مرر (ص ٦١٠).
(¬٤) اللبون محب اللبن وشاربه وشاة لَبُون: ذات لبن وانظر القاموس مادة لبن (ص ١٥٨٦).

الصفحة 1183