كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 3)

احتجاجهم في ذلك، بأن الصيام والعتق والصدقة من كفارة الأيمان وليس سائر ما ذكرنا من كفارة الأيمان، فقلنا لهم: أترون الحج والعمرة والطلاق، أمن كفارة الأيمان هي؟ ثم ليت شعري أين رأوا أن الصدقة من كفارة الأيمان إلا في الكسوة والإطعام فقط، فاعجبوا لهذا التخليط، واحمدوا الله تعالى على السلامة! !
وقاسوا من قال: "أنا أنحر ابني إن قربتك أربعة أشهر" على من حلف بالله تعالى أن لا يقربها، وقالوا: هو مولي، ولم يقيسوا على ذلك من قال: "وحق الله تعالى لا قربتك" فقالوا: ليس هذا موليا، فكان هذا عجبا من العجب! !
وقالوا: تقع الفرقة في الإيلاء بمضي أربعة أشهر، ولا معنى لتوقيف الحاكم ولا لتفريقه، ثم قالوا إذا التعن الزوجان، لم تقع الفرقة بينهما إلا حتى يفرق الحاكم بينهما، ولم يقيسوا بعض ذلك على بعض ولو عكسوا هذا الحكم لوفقوا وأصابوا! !
وقاسوا على لزوم الصلاة والصيام والطهارة للعبد، لزوم النكاح له، ولزوم الطلاق لَهُ، ولزوم الظهار له، ولزوم الإيلاء له، ولم يقيسوا ذلك على لزوم الزكاة له، ولزوم الحج له وشهادته، وقد اختلف في جواز طلاقه، وايلائه وظهاره، فأسقط عنه كل ذلك بعض التابعين، وقد ألزمه الزكاة بعض الصحابة، وأجاز حجه عن الفريضة بعض التابعين نبهنا على ذلك لئلا يسارعوا إلى مج (¬١) الكذب
---------------
(¬١) يقال مج الشراب من فيه: رماه وانظر القاموس مادة مج (ص ٢٢٦).

الصفحة 1193