كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 1)

¬وموضوعهما، فمن أراد صرف شيء من ذلك إلى تأويل بلا نص ولا إجماع، فقد افترى على الله تعالى، وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -: وخالف القرآن، وحرف الكلم عن مواضعه" (¬١).
والمُعْرِضُ عن المعنى الظاهر - عند ابن حزم - معتد أثيم، قد جاوز الحد، وهجم على أمر عظيم، يقول ابن حزم: ". . . وقال اللهُ تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا}، فصح أن اتباع الظاهر فرض، وأنه لا يحل تعديه أصلا، وقال تعالى، {وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}، والاعتداء هو تجاوز الواجب، ومن أزاح اللفظ عن موضوعه في اللغة التي بها خوطبنا بغير أمر من الله، أو رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فعدل إلى معنى آخر فقد اعتدى. . ." (¬٢).
ولقد أدى التمسك بظواهر النصوص - بابنَ حزم - إلى القول: "بأن الأوامر والنواهي، الواردة في القرآن، وكلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، تُحمل على الوجوب والفور، والحكم ببطلان رأي من صرف شيئا من ذلك إلى التأويل والتراخي، أو الندب، أو الوقف، بلا برهان ولا دليل" (¬٣).
وقد أطال ابن حزم القول في الاحتجاج لهذا المذهب، ونقد آراء الخصوم، وكان مما قال في ذلك: "وقد علم كل ذي عقل، أن اللغات إنما رتبها الله عز وجل ليقع بها البيان، واللغات ليست شيئا غير الألفاظ المركبة على المعاني، المُبينة عَنْ مسمياتها، قال الله تعالى:
---------------
(¬١) النبذ (ص ٢٥).
(¬٢) الإحكام في أصول الأحكام (ج ٣/ ص ٤٢).
(¬٣) الإحكام في أصول الأحكام (ج ٣/ ص ٢).

الصفحة 164