كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 1)

¬الأندلس في تحويل وديان بلادهم إلى بساتين مونقة، ورياض نضرة، كما أنهم أفلحوا في إقامة زراعة على أسس علمية متطورة (¬١).
وراجت بالأندلس -في عهد الأمويين وبني عامر- الصناعة، وتعددت مجالاتها، وأهم ما عرف بالأندلس منها: الحديد والنحاس والزجاج والنسيج (¬٢).
وكانت تجارة الأندلس نافقة، وأسواقها بها عامرة، وكان لكل حرفة شارع، أو "درب" مثل سوق الغزل، وسوق الجباسين، وسوق الوراقين وسوق الحصارين، وكانت البضائع تُجلب إلى هذه الأسواق من إفريقية والمغرب، وقد مُهِّدت السبل وأمنت الطرق.
ولما ضَرَب الدَّهرُ ضرباته، كسدت التجارة، وأغلقت تلك الأسواق، وفرضت المكوس على الناس، وتسلط رجال الطوائف على الأموال، فاشتد بالناس الجَهْدُ، وعظم الخطب.
وفي عصر بني عامر قَسّمَ الحكامُ قرطبة إلى مدن خمس تشبه الأحياء، وكان في كل مدينة ما يكفيها من الأسواق والفنادق والحمامات وسائر الصناعات (¬٣)، وفي عهد عبد الرحمن الناصر اتسع العمران بقرطبة، فنشأ خارج السور الشرقي ربض جديد كالمدينة المحلقة، وُسِمَ بالمدينة الشرقية، وكان يتكون من ستة أحياء هي:
---------------
(¬١) انظر: دول الطوائف (ص ٤٤١).
(¬٢) انظر: مخطوط في ذكر بلاد الأندلس رقم ٥٥٨ ورقة ٨ الخزانة الملكية بالرباط بواسطة ابن حزم وجهوده في البحث التاريخي والحضاري (ص ٢٩).
(¬٣) انظر: صفة جزيرة الأندلس (ص ١٥٣).

الصفحة 33