كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 1)
قتله، فإنه يقتل القاتل، ويحبس الحابس" (¬١).
فلم يعيبوه إلا بالإرسال.
واحتجوا بمرسلين خَسِيسَينْ ضعيفين في التحريم بالوطء المحرم من الزنا (¬٢)، وعَارَضَهُمَا خبرٌ مخالف لهما بإباحة ذلك (¬٣)، فقالوا:
---------------
(¬١) أخرجه عبد الرزاق في المصنف برقم ١٧٨٩٥ (ج ٩/ ص ٤٢٨)، والدارقطني في سننه في كتاب الديات (ج ٣/ ص ١٤٠) ومن طريقه البيهقي في الكبرى كتاب الجراح، باب ما جاء الرَّجل يحبس الرجل للآخر فيقتله برقم ١٦٠٣٠ (ج ٨/ ص ٩٠). عن إسماعيل بن أمية قال: "قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رجل أمسك رجلا وقتل الآخر، قال: يقتل القاتل، ويحبس الممسك". وأورده البيهقي برقم ١٦٠٢٩ عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: "هذا غير محفوظ" ثم رجح المرسل، وأورده المؤلف في المحلى (ج ١٠/ ص ٥١٣) بسنده عن سفيان عن إسماعيل بن أمية وقال: "تفريق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين حكم الحابس، وبين حكم القاتل بيان جلي، وعهدنا بالحنيفيين والمالكيين يقولون: إن المرسل والمسند سواء. وهذا مرسل من أحسن المراسيل، وقد خالفوه، ويشنعون على من خالف قول الصاحب، إذا وافق أهواءهم".
(¬٢) يشير المصنف إلى ما ذكره من احتجاج الأحناف بمرسلين أَوْرَدَ الأول منهما في المحلى (ج ٩/ ص ٥٣٣) عن ابن جريج قال: أخبرت عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن أم الحكم أن رجلا سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن امرأة كان زنى بها في الجاهلية أينكح الآن ابنتها؟ فقال: "لا أرى ذلك ولا يصلح لك أن تنكح امرأة تطلع من ابنتها على ما اطَّلَعْتَ عليه منها". والثاني: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف برقم ١٦٢٢٩ (ج ٣/ ص ٤٦٩): عن حجاج عن أبي هانئ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من نظر إلى فرج امرأة، لم تحل له أمها ولا ابنتها". قال ابن حزم: " .... وأما الخبران فمرسلان ولا حجة في مرسل، وفي أحدهما انقطاع آخر، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن أم الحكم مجهول، وفي الآخر: الحجاج بن أرطأة وهو هالك عن أبي هانئ، وهو مجهول". قلت: وبنحو هذا رد البيهقي في الكبرى (ج ٧/ ص ٢٧٦) المرسل الثاني.
(¬٣) هذا الخبر هو ما أشار إليه المصنف في المحلى (ج ٩/ ص ٥٣٣ - ٥٣٤) بقوله: " ... وقد عارضهما خبر آخر لا نورده احتجاجا به، لكان مُعَارَضَةً للفاسد، مما إن لم يكن=