كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 1)

حُرِّكَ أحدُ أطرافه لم يتحرك الآخر، فلا حرج عليه في أن يتوضأ منه ويغتسل (¬١)، فكيف ترون؟ !
رحم اللهُ أئمة الحديث، القائلين إن أصحاب أبي حنيفة يكيدون الإسلام (¬٢).
واحتجوا أيضًا لهذا المذهب الفاسد، بالمرسل الذي لا يصح من أنه عليه السلام أمر بحفر التراب الذي بال فيه الأعرابي في المسجد (¬٣)، وهم لا يقولون بهذا، بل يقولون يُترك حتى يَيْبَسَ البولُ
---------------
(¬١) قال السمرقندي الحنفي في بيان هذه المسألة: "قال أصحاب الظواهر بأن الماء لا ينجس بوقوع النجاسة فيه كيفما كان لقوله عليه الصلاة والسلام: "الماء طهور لا ينجسه شيء، وقال عامة العلماء: إن كان الماء قليلا ينجس، وإن كان كثيرا لا ينجس واختلفوا في الحد الفاصل بينهما .... وقال علماؤنا: إن كان الماء بحال يخلص بعضه إلى بعض فهو قليل، وإن كان لا يخلص بعضه إلى بعض فهو كثير، واختلفوا في تفسير الخلوص: اتفقت الروايات عن أصحابنا المتقدمين أنه يعتبر بالتحريك. فإن تحرك طرف منه بتحريك الجانب الآخر، فهذا مما يخلص، وإن كان لا يتحرك فهو مما لا يخلص". وانظر: تحفة الفقهاء (ج ١ / ص ٥٦ - ٥٧) وشرح معاني الآثار (ج ١ / ص ١٥) والمحلى (ج ١ / ص ١٥٣ - ١٥٤).
(¬٢) هذا إفراط من المؤلف وغلو، وما نُقل عن بعض أئمة أصحاب الحديث، فعلى فرض صحته، له محامل يمكن أن يُخرِّج عليها.
(¬٣) أصل هذا الحديث في الصحيحين، وسيذكره المؤلف بعد حين، وأما المرسل الوارد فيه: فأخرجه أبو داود في الطهارة باب الأرض يعيبها البول برقم ٣٨١ عن عبد الله بن معقل بن مقرن قال: صلى أعرابي وذكره وفيه: "خذوا ما بال عليه من التراب فألقوه، وأهريقوا على مكانه ماء". قال أبو داود: "وهو مرسل، ابن معقل لم يدرك النبي -صلى الله عليه وسلم-". وأخرجه من طريقه الدارقطني في الطهارة، باب في طهارة الأرض من البول (ج ١ / ص ١٣٢). وقال ابن الجوزي في التحقيق (ج ١ / ص ٧٨): وقال أحمد: "هذا حديث منكر".

الصفحة 367