كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 1)

¬نظافتهم وظرفهم ورقة أخلاقهم ونباهتهم وذكائهم، وحسن نظرهم، وجودة قرائحهم، ولطافة أذهانهم، وحدة أفكارهم ونفوذ خواطرهم، يونانيون في استنباطهم للمياه، ومعاناتهم لضروب الغراسات، واختيارهم لأجناس الفواكه، وتدبيرهم لتركيب الشجر، وتحسينهم البساتين بأنواع الخضر، وصنوف الزهر، فهم أحكم الناس لأسباب الفلاحة، وهم أصبر الناس على مطاولة التعب في تجويد الأعمال، ومقاساة النصب في تحسين الصنائع، وأحذق الناس بالفروسية، وأبصرهم بالطعن والضرب ... إن أهل الأندلس صينيون في إتقان الصنائع العلمية، دماحكام المهن الصورية -أي الآلية- تركيون في معاناتهم الحروب، ومعالجات آلاتها، والنظر في مهماتها" (¬١).
وأمن بقية الطوائف الدينية الأخرى على أنفسهم وأموالهم، فعاش النصارى واليهود في ظل دولة الإسلام، آمنين على عقائدهم وثقافتهم (¬٢).
وحظيت المرأة في الأندلس بنفوذ واسع، وقسط من الحرية وافر، واشتهر مِن بالنساء بالرأي والسلطة "صبح" زوجة الحكم المستنصر بالله (¬٣).
---------------
(¬١) انظر: نفح الطيب (ج ٢/ ص ١٢٥).
(¬٢) انظر: اليهود في الأندلس (ص ١٢) والإسلام في إسبانيا (ص ٣٣). وكانت بين علماء الإسلام وعلماء اليهود مناظرات ومحاورات، وألف بعضهم في ذلك كتبا كما فعل ابن نغزيلة الذي ألف كتابا يطعن فيه على الإسلام، فرد عليه ابن حزم بكتاب سماه: "الرد على ابن نغزيلة اليهودي".
(¬٣) توفيت سنة ٣٩٠ هـ وانظر: أعلام النِّساء (ص ١٩٩ - ٢١١).

الصفحة 37