كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 1)

ولا دليل، لأنه ليس في خبر المصراة ذكرُ خيارٍ في عقد البيع أصلا، فاعجبوا لهذه العظائم! !
واحتجوا أيضًا لهذا القول الفاسد، بخبر الذي كان يُغبنُ في البيع، فأمره رسول الله إذا بايع أحدًا أن يقول: "لا خِلابة"، ثم جعل له الخيار فيما اشترى ثلاثًا (¬١)، وهم مخالفون لهذا الخبر كله، فيجيزون الغبن في البيع قَلَّ، أو كَثُر، ولا يُنتفع عندهم بأن يقول البائع: "لا خلابة"، بل سواء عندهم قال ذلك، أو سكت، ولا يجعلون له الخيار أصلا (¬٢)، وليس في الخبر أن مُبَايِعَهُ عقد معه البيع على خيار، فاعجبوا، واسألوا الله العافية مما ابتلاهم به.
واحتجوا في قولهم أن مَنْ أصبح في يوم من أيام رمضان ينوي الفطر عامدًا ذاكرًا، لأنه في رمضان إلا أنه لم يأكل ولم يشرب، ولا وَطئ، ولا تعمد القيء، ثم ينوي الصوم قبل زوال الشمس فصومه تام لَا
---------------
(¬١) أخرجه البخاري في البيوع باب ما يكره من الخداع في البيع برقم ٢١١٧ ومسلم في البيوع، باب من يخدع في البيع (ج ١٠/ ص ١٧٦). عن عبد الله بن عمر أن رجلا ذكر للنبي -صلى الله عليه وسلم- الحديث. وقد سمي الرجل خارج الصحيحين وهو: "حبان بن منقذ".
أخرج حديثه الحاكم في البيوع برقم ٢٢٠١، والبيهقي في الكبرى (ج ٥/ ص ٢٧٣) ومعرفة السنن (ج ٤/ ص ٢٨٣)، وابن ماجه في الأحكام، باب الحجر على من يفسد ماله برقم ٢٣٥٥.
قال الحافظ في الفتح (ج ٤/ ص ٣٣٧): "لا خلابة بكسر المعجمة وتخفيف اللام: أيْ لا خديعة". وانظر كلام المؤلف على هذا الحديث في المحلى (ج ٨/ ص ٤١٠ - ٤١١).
(¬٢) إنما جوز الحنفية الغبن القليل لا الفاحش الكثير، بل إن السلعة ترد عندهم بالغبن البين الفاحش. وانظر: رد المحتار (ج ٤/ ص ١٥٩).

الصفحة 380