كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 1)

دَاخِلَةَ فيه، فإن لم ينو الصوم، حتى زالت الشمس فلا صوم له (¬١) بالخبر الثابت عن رسول الله أنه إذْ فرض الله تعالى صوم يوم عاشوراء بعث إلى قرى الأمصار: "من لم يأكل منكم، فليصم باقي يومه، ومن أكل منكم فليصم أيضًا بقية يومه" (¬٢).
وهم أشد الناس خلافًا لهذا الخبر، لأنه إنما أمر عليه السلام بذلك قومًا لم يعرفوا وجوب ذلك الحكم، قبل ذلك، فإنما لزمهم مُذْ عرفوه وليس في هذا الخبر شيء مما موهوا به فيه، من قولهم الفاسد، ولا فيه للفرق بين حكم ذلك قبل زوال الشمس: أَوْ بعد زوالها أثر، ولا
---------------
(¬١) اختلف الفقهاء في النية في الصوم، فقال أبو حنيفة: يصح أداء رمضان بنية من النهار قبل الزوال، وكذلك كل صوم تعلق بزمان بعينه .... فأما صوم التطوع، فيصح بنية قبل الزوال وبه قال أبو حنيفة وأحمد، وقال مالك وداود: لا يصح بنية من النهار أيضا، وهو اختيار المزني.
وانظر: شرح معاني الآثار (ج ٢/ ص ٥٥ و ٥٦) وحلية العلماء (ج ٣/ ص ١٨٦) وتحفة الفقهاء (ج ٢/ ص ٣٤٩) وتبيين الحقائق (ج ١/ ص ٣١٤) والمحلى (ج ٦/ ص ١٧٣) والفتاوى الهندية (ج ١/ ص ١٩٥ - ١٩٦).
(¬٢) أخرجه البخاري في الصيام في عدة مواضع منها: في باب إذا نوى بالنهار صوما برقم ١٩٢٤، ومسلم في الصوم باب صوم يوم عاشوراء (ج ٨/ ص ١٣)، وابن ماجه في الصيام باب صيام يوم عاشوراء برقم ١٧٣٥، والدارمي في الصوم باب في صيام يوم عاشوراء برقم ١٧١٠.
والبيهقي في الكبرى كتاب الصيام برقم ٨٤٠٧ (ج ٤/ ص ٤٧٦)، ومعرفة السنن (ج ٣/ ص ٤٣٧) والشافعي في مسنده (ص ٦٥)، عن سلمة بن الأكوع "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث رجلا ينادي في الناس يوم عاشوراء: أن من أكل فليتم أو فليصم، ومن لم يأكل فلا يأكل". انتهى لفظ البخاري.

الصفحة 381