كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 1)
بنص ولا بدليل، أن عمل غيره عنه ينقطع، وهم يقولون: إن الصدقة عنه جائزة، وإن لم يوصِ بها، وأن الحج عنه جائز وواجب إذا أوصى به، ولا يصام عنه وإن أوصى به (¬١).
واحتجوا فى قولهم مَنْ أوصى بزكاة واجبة، أو حجة واجبة، فهي مقدمة في الثلث على ما أوصى به من صدقةٍ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أرأيتِ لو كان على أبيك دين، أكنت قاضيته؟ " قالت: نعم. قال: "فدين الله أحق أن يقضى" (¬٢)، وقوله: "فاقضوا الله فهو
---------------
(¬١) قال الحنفية: لا يصام عن الميت كما لا يصلى عليه، واستدلوا بحديث: "لا يصوم أحد عن أحد، ولا يصلي أحد عن أحد، ولكن يطعم عنه". وتكلم المؤلف على أدلة الحنفية في هذه المسألة. فقال: "فهذا القرآن، والسنن المتواترة المتظاهرة التي لا يحل خلافها، وكلهم يقول: يحج عن الميت إن أوصى بذلك، ثم لا يرون أن يصام عنه، وإن أوصى بذلك، وكلاهما عمل بدن، وللمال في إصلاح ما فسد منهما مدخل بالهدي، وبالإطعام، وبالعتق، فلا القرآن اتبعوا، ولا بالسنن أخذوا، ولا القياس عرفوا، وشغبوا في ذلك بأشياء"، ثم ذكر المؤلف أدلة الحنفية وقال: "وأما إخباره عليه السلام بأن عمل الميت ينقطع إلا من ثلاث فصحيح، والعجب أنهم لم يخافوا الفضيحة في احتجاجهم به، وليت شعري من قال لهم: إن صوم الولي عن الميت هو عمل الميت حتى يأتوا بهذا الخبر الذي ليس فيه إلا انقطاع عمل الميت فقط وليس فيه انقطاع عمل غيره عنه أصلا، ولا المنع من ذلك، فظهر قبح تمويههم في الاحتجاج بهذا الخبر جملة".
وانظر: تبيين الحقائق (ج ٢/ ص ٨٤) والمحلى (ج ٧/ ص ٢ - ٤).
(¬٢) أخرجه البخاري في الصوم، باب من مات وعليه صوم .... برقم ١٩٥٣، ومسلم في الصوم أيضا، باب قضاء الصوم عن الميت (ج ٢/ ص ٢٣) والنسائي في الكبرى في الصوم باب صوم الحي عن الميت .... برقم ٢٩١٢، والترمذي في الصوم، باب ما جاء في الصوم عن الميت برقم ٧١٢، والبيهقي في الصيام، باب من قال يصوم عنه =