كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 1)
جزاؤه (¬١)، بالسنة الثابتة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المُحرم يقتل الضَّبع عليه كبش، وأنها صيدٌ حلال أكلُه، هكذا نُصَّ في حديث جابر عنه عليه السلام (¬٢).
وخالفوه فقالوا: ليس في الضبع كبش إنما فيه قيمتها، ولو بلغت درهما: فإن زادت قيمتها جدا، فليس عليه إلا شاة فقط، ولا هي صيد، ولا يحل أكلها، بل أكلها حرام (¬٣). فهل سُمع بأعجب من هذا يخالفون حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الضبع بكبش، وفي أنها صيد حلال أكلُه، ثم يوجبون به نفسه أن يجزئ الخنزير إِنَّ هذا لعظيمٌ جدا! ! ونعوذ بالله من البلاء.
واحتجوا فيمن وجبت عليه في زكاة إبله بنت مخاض، فأعطى ثُلُثَيْ بنت لَبُون تساوي بنت مخاض، فإنه يجزئه ذلك بالسنة الثابتة عن رسول الله من طريق أنس عن أبي بكر الصديق عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من وجبت عليه
---------------
(¬١) انظر المحلي (ج ٧/ ص ٢٢٦).
(¬٢) أخرجه البيهقي في الكبرى (ج ٥/ ص ١٨٣) ومعرفة السنن (ج ٤/ ص ١٨٤)، والشافعي في الأم (ج ٢/ ص ١٩٣)، وابن أبي شيبة في المصنف برقم ١٥٦٢٢ (ج ٣/ ص ٤٢٥) عن عبد الرحمن بن أبي عامر عن جابر بن عبد الله "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الضبع فقال: هي صيد. وجعل فيها كبشا إذا أصابها المحرم"، هذا سياق البيهقي في الكبرى، وقال: "قال أحمد: حديث ابن أبي عمار هذا حديث حسن: قال أبو عيسى: سألت عنه البخاري فقال: هو حديث صحيح. قال أحمد: وقد رواه جرير بن حازم عن عبد الله بن عبيد بإسناده مرفوعا: هي صيد وجعل فيها كبشا إذا أصابها المحرم".
(¬٣) انظر: بدائع الصنائع (ج ٢/ ص ١٩٨)، وانظر مناقشة المؤلف لهذا القول في المحلى (ج ٧/ ص ٢٢٥ - ٢٢٧).