كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 1)
بنت مخاض، فلم تكن عنده، وكانت عنده بنت لبون، فإنه يؤديها، ويرد إليه الساعي شاتين أو عشرين درهما" (¬١).
وهذه الحجة أطلقها الشيطانُ على لسان زعيمهم محمد بن الحسن (¬٢)، فهل سُمع بأسْخَفَ من هذا الاحتجاج، وهل فَهمَ أحدٌ من حُكم النبي على من لزمته بنت مخاض لم تكن عنده، وعنده بنت لبون أن يعطيها، ويأخذ من الساعي شاتين أو عشرين درهما - أن ثلثي بنت لبون يجزئ عن بنت مخاض إذا ساوتها، وهم يخالفون هذا الحكم من رسول الله جِهارا، ولا يقولون بشيء منه ولا يجُيزون إعطاء بنت لبون مكان بنت مخاض، ولا أن يرد عليه الساعي شاتين ولا عشرين درهما.
فخالفوا حكم النبي علانيةً وأبطلوه، واحْتَجوا به في حكمٍ باطلٍ فاسدٍ ليس من دين الله تعالى في شيء، ولا له في الخبر المذكور أثرٌ أصلًا.
والعجبُ كُلُّهُ قولهُ: تساوي بنت مخاض، فليت شعري أيَّ بنت
---------------
(¬١) أخرجه البخاري في الزكاة، باب من بلغت عنده صدقة بنت مخاض، وليست عنده برقم ١٤٥٣، وأبو داود في الزكاة، باب في زكاة السائمة برقم ١٣٦٧، وابن ماجه في الزكاة باب إذا أخذ المصدق سنا دون سن أو فوق سن برقم ١٨٠٠، والبيهقي في الكبرى (ج ٤/ ص ٨٥): ومعرفة السنن (ج ٣/ ص ٢١٥) والمؤلف في المحلى (٦/ ١٩) من طريق البخاري وحكى المؤلف مذاهب الفقهاء في زكاة الإبل، وفيها مذهب أبي حنيفة، وَنَاقَشَ ذلك، وانظر المحلى (٦/ ١٧ - ٢٨).
(¬٢) هذا من غلو ابن حزم وإفراطه في مناقشة الخصوم، والإنصاف يقتضي حكاية مذهب الخصم وتعقبه بما يقتضي النظر والتحقيق دون حط أو نقد مقذع.