كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 1)
حنطة بين ستة مساكين"؛ وهو وَهَمٌ بلا شك، فتعلقوا بها، وقالوا: لا يجزئه من التمر إلا فَرْقَانِ اثنان، ومن الزبيب كذلك، ثم خالفوا الطريق التي تعلقوا بها، وقالوا: من حلق رأسه بغير ضرورة وهو محرم، فلا يجزئه إطعامٌ أصلا؛ ولا يجزئه إلا هدي وَلَا بُدَّ، وليس شيء من هذا في الخبر المذكور أصلا (¬١).
واحتجوا في قولهم الفاسد أنه لا يحل لأحد يسكن، بحيث أن يكون الميقات بينه وبين مكة، أن يدخل مكة بغير إحرام، فإن كان ساكنا بين أحد المواقيت، وبينها (¬٢)، أو في أحد المواقيت فله أن يدخلها بِغَيْر إحرام (¬٣) - بالخبر الثابت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله حرم مكة ولم يحرمها الناس، وإنها لم تحلَّ لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، وإنما أُحلت لي ساعةً من نهار، ثم عادت كَحرمتها بالأمس. فإن تَرَخَّصَ أحدٌ لقتال رسول الله فيها، فقولوا إن الله أحلها لرسوله، ولم يحلها لكم" (¬٤).
---------------
(¬١) انظر وجه إيجاب الهدي -عند الحنفية- في حلق الرأس في: تبيين الحقائق (٢/ ٥٤) وسبل السلام (٢/ ١٩٦).
(¬٢) الضمير في بينها. يعود على مكة - شرفها الله.
(¬٣) فقه هذه المسألة في: مختصر الطحاوي (ص ٦١ و ٦٢) والهداية (١/ ١٤٧) والمحلى (٧/ ٧١) وسبل السلام (٢/ ١٨٦).
(¬٤) خرجه البخاري في جزاء الصيد باب لا يعضد شجر الحرم ... برقم ١٨٣٢ من طريق الليث عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي شريح العدوي.
وأخرجه مسلم في الحج، باب تحريم مكة وتحريم صدها وخلاها وشجرها ولقطتها (٩/ ١٢٧) بهذا السند أيضا. =