كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 1)
المسلم، كان حلالا حينئذ حتى حرم الله تعالى ذلك في سورة الممتحنة (¬١) التي نزلت بعد الحديبية.
وأما خبر أبي سفيان وصفوان، فلا يستندان أصلا، ولا حجة في مرسل (¬٢).
وفيهما أن صفوان عرض عليه النبي الإسلام بعد ذلك، فأبى فَأَجَّلَ له أربعة أشهر؛ وشهد حنينا وهو كافر، وهذا خلاف قولهم (¬٣).
وليس في شيء من هذه الأخبار أثر لقولهم؛ وإنما يوافق قول إبراهيم النخعي، وسفيان (¬٤)، وفيهما أن أي الزوجين أسلم، فهما
---------------
(¬١) وذلك في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [سورة الممتحنة، الآية رقم ١٠].
(¬٢) وبنحو هذا رد المؤلف في المحلى (٧/ ٣١٥) هذين الخبرين فقال: "فإن قيل: قد روي أن أبا سفيان أسلم قبل هند، وامرأة صفوان أسلمت قبل صفوان، قلنا: ومن أين لكم أنهما بقيا على نكاحهما ولم يجددا عقدا؟ وهل جاء ذلك قط بإسناد صحيح متصل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه عرف ذلك فأقره؟ حاشا لله من هذا".
(¬٣) مذهب الحنفية في هذه المسألة في: تبيين الحقائق (٢/ ١٧٤) وفتح القدير لابن الهمام (٢/ ٥١١) والمحلى (٧/ ٣١٢ - ٣١٧). وقال المؤلف فيه: " ... أما قول أبي حنيفة، فظاهر الفساد، لأنه لا حجة له لا من قرآن ولا سنة، ولا إجماع، وينبغي لهم أن يحدوا وقت عرض الإسلام، ولا سبيل إلى ذلك إلا برأي فاسد، وهو أيضا قول لا يعرف مثل تقسيمه لأحد من أهل الإسلام قبل ... ".
(¬٤) قال المؤلف في المحلى (٧/ ٣١٣): "وروينا من طريق عبد الرحمن بن مهدي، ومحمد =