كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 2)

يحل أكل لحمه، ومن بول الإنسان إلا أن يكون أكثر من قدر الدرهم البغلي، ولا يغسل ثوبٌ من بول ما يؤكل لحمه، إلا أن يكون كثيرا فاحشا (¬١).
وحد أبو يوسف الكثير الفاحش بشبر في شبر (¬٢). فَيَا عَجَبًا لهذا التحديد! ! ثم عجبٌ ثانٍ أي شبر هو؟ ! !
واحتجوا في صفة تطهير الخف بالخبر المشهور: "إن طهوره مسحه بالتراب" (¬٣)، ثم خالفوه فقالوا: أما من العذرة اليابسة فنعم، وأما من
---------------
(¬١) انظر حكاية مذهب الحنفية في ذلك في: تحفة الفقهاء (٢/ ٦٤ - ٦٥) وتبيين الحقائق (١/ ٧٣) والمجموع للنووي (٢/ ٥٤٨) والفتاوى الهندية (١/ ٤٦).
(¬٢) وعن أبي يوسف رواية ثانية وهي: "ذراع في ذراع"، ومثلها عن محمد بن الحسن، وروي عنه أيضا: أن الكثير الفاحش أن يستوعب القدمين، وروي عن أبي حنيفة أنه كره أن يجد لذلك حدا وقال: إن الفاحش يختلف باختلاف طباع الناس، فوقف الأمر فيه على العادة، وانظر: الفتاوي الهندية (١/ ٤٥ - ٤٦).
وحكى المصنف في المحلى (١/ ١٦٨ - ١٦٩) مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف وزفر ثم قال: " ... أما قول أبي حنيفة ففي غاية التخليط والتناقض والفساد، لا تعلق له بسنة صحيحة، ولا سقيمة، ولا بقرآن ولا بقياس ولا بدليل إجماع، ولا بقول صاحب، ولا برأي سديد، وما نعلم أحدا قسم النجاسات قبل أبي حنيفة هذا التقسيم، بل نقطع على أنه لم يقل بهذا الترتيب فيها أحد قبله، فوجب اطراح هذا القول بيقين".
(¬٣) روي ذلك من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري وعائشة، فأما حديث أبي هريرة: فأخرجه أبو داود في الوضوء، باب في الأذى يصيب النعل برقم (٣٨٦)، وابن حبان في صحيحه (ص ٨٥) (موارد الظمآن)، والحاكم في المستدرك في الطهارة برقم (١٤٥) وقال: "حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه". وساقه أبو داود من طريق محمد بن كثير بسنده عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا وطئ أحدكم الأذى بخفيه، فطهورهما التراب"، قال ابن القطان: "هذا حديث رواه أبو داود من طريق لا يظن بها الصحة، فإنه =

الصفحة 457