كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 2)

ليس فيه منه أثر وخالفوا إجماع الصحابة، وآخر فعل رسول الله، فما صلى عليه السلام بالمسلمين في مسجده صلاة بعدها (¬١).
واحتجوا لقولهم الفاسد: أنه لا فطر ولا قصر إلا في سفر ثلاثة أيام بلياليهن بالخبر الثابت عن رسول الله: "يمسح المسافر ثلاثة أيام" (¬٢) وليس في هذا الخبر للفطر والقصر أثر لا بنص، ولا بدليل ولا بإشارة ولا بوجه من الوجوه، ثم خالفوا نص هذا الخبر فيما فيه، وفيما قصد به، لأن نصه وحكمه أن يَمْسَحَ المسافر ثلاثا من الليالي، فقالوا هم: لا يجوز له هذا، ولا يحل له المسح ثلاثا من الليالي بأيامهن لمن (¬٣) يصلي بالمسح ثلاث ليال بأيامهن فقط، ولا مزيد.
---------------
(¬١) انظر شروط استخلاف الإمام عند الحنفية في: تبيين الحقائق (١/ ١٤٧) والفتاوى الهندية (١/ ١٠١) والمحلى (٤/ ٢٢١) حيث تعقب المؤلف أقوال أبي حنيفة.
(¬٢) أخرجه مسلم في الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين (٣/ ١٧٥) والنسائي في الكبرى في الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين للمقيم والمسافر برقم (١٣١)، وابن ماجة في الطهارة وسننها، باب ما جاء في التوقيت في المسح للمقيم والمسافر برقم (٥٥٢)، والدارمي في الطهارة، باب التوقيت في المسح برقم (٧١٥)، والبيهقي في الكبرى في الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين برقم (١٣٠٥ - ١/ ٤١٤) كلهم عن شريح بن هانئ قال: أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين فقالت عليك بابن أبي طالب فسله، فإنه كان يسافر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألناه فقال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوما وليلة للمقيم".
(¬٣) كذا والعبارة فيها شيء، ومذهب الحنفية موافق لنص حديث المسح، وأن للمسافر أن يمسح على الخف ثلاثة أيام ولياليهن، وحكاه المصنف نفسه عنهم في المحلى (٢/ ٨٩) قال: "وهو قول سفيان الثوري والأوزاعي والحسن بن حي، وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل، وداود بن علي وجميع أصحابهم، وهو قول إسحاق بن راهويه وجملة =

الصفحة 459