كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 2)
وليس في شيء من الخبر شيءٌ من هذا أصلا، حاشا أن أبا بكر كان قائما يُؤْذِنُ النَّاسَ بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط (¬١).
واحتجوا لقوله في بطلان صيام من تسحر يظنه ليلا، فوافق ذلك إثر طلوع الفجر، وقبل أن يتبين بياض الفجر بالخبر الثابت عن رسول الله: "إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحتَ، أصبحتَ" (¬٢).
فكان هذا التمويه منهم عجبا من عجائب الدنيا. وعدم حياء بالجملة، لأن نص هذا الخبر موافق لنص القرآن الذي خالفوه بآرائهم الفاسدة،
---------------
= طائل فيه، والذي ادعى نفيه قد أثبته الشافعي وقال: إنه في رواية إبراهيم عن الأسود عن عائشة". ثم نقل الحافظ رواية عبد الرزاق عن عطاء التي سبقت آنفا.
(¬١) يفهم من كلام المؤلف أن أبا بكر صلي مأموما بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو الحق الذي لا محيد عنه، قال الحافظ في الفتح (٢/ ١٥٤): "وعين أبو معاوية عن الأعمش في إسناد حديث الباب - يعني صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالناس في مرض موته. مكان الجلوس فقال في روايته: "حتى يجلس عن يسار أبي بكر"، وهذا هو مقام الإمام ... وأغرب القرطبي شارح مسلم لما حكي الخلاف، هل كان أبو بكر إماما أو مأموما؟ فقال: لم يقع في الصحيح بيان جلوسه - صلى الله عليه وسلم -، هل كان عن يمين أبي بكر أو عن يساره، انتهى، ورواية أبي معاوية هذه عند مسلم أيضا؛ فالعجب منه كيف يغفل عن ذلك في حال شرحه له".
(¬٢) أخرجه البخاري في الصوم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ... برقم (١٩١٨) ومسلم في الصوم، باب صفة الفجر الذي يتعلق به أحكام الصوم (٧/ ٢٠٣) والترمذي في الصلاة، باب ما جاء في الأذان بالليل رقم (٢٠٣)، والنسائي في الصغرى في الأذان، باب المؤذنان للمسجد الواحد (٢/ ١٠) والدارمي في الصلاة، باب في وقت أذان الفجر برقم (١١٧٢).